للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جلد، كذا في "القاموس" (١).

وذكر النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "المجموع" البيت الأول فقط، ونصّه:

قال أصحابنا: واستُحِبّ الإسراع فيه؛ للاقتداء بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولأن وادي محسِّرٍ كان موقف النصارى، فاستُحِب مخالفتهم، واستدلوا بما رواه البيهقيّ بإسناده، عن الْمِسْوَر بن مَخْرَمة، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يُوضِع، ويقول:

إَلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا … مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارى دِينُهَا

قال البيهقيّ: يعني الإيضاع في وادي محسَّر، ومعنى هذا البيت: أن ناقتي تَعْدُو إليك يا رب مسرعةً في طاعتك، قَلِقًا وَضِينُها، وهو الحبل الذي كالْحِزَام، وإنما صار قَلِقًا من كثرة السير، والإقبال التامّ، والاجهاد البالغ في طاعتك، والمراد صاحب الناقة، وقوله: "مخالفًا دين النصارى دينها" بنصب "دينَ النصارى"، ورفع "دِينُها"؛ أي: إني لا أفعل فعل النصارى، ولا أعتقد اعتقادهم، قال القاضي حسين في "تعليقه": يُستحب للمارّ بوادي محسر أن يقول هذا الذي قاله عمر - رضي الله عنه -، والله تعالى أعلم (٢).

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وأما قوله: "فحَرَّك قليلًا" فهي سنة من سنن السير في ذلك الموضع، قال أصحابنا: يُسْرع الماشي، ويُحَرِّك الراكب دابته في وادي مُحَسِّر، ويكون ذلك قدر رَمْيَةِ حجر. انتهى.

وقال الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "الأُمّ"؛ وتحريكه - صلى الله عليه وسلم - الراحلة فيه يجوز أن يكون فعل ذلك لسعة الموضع، قال الطبريّ: وهكذا كلُّ من خرج من مضيق في فضاء جرت العادة بتحريكه فيه، وقيل: يجوز أن يكون فعله؛ لأنه مأوى الشياطين، وقيل: لأنه كان موقفًا للنصارى، فاستُحبّ الإسراع فيه.

وقال الإسنويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وظهر لي معنى آخر في حكمة الإسراع، وهو أنه مكان نزل فيه العذاب على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت، فاستُحبّ فيه الإسراع؛ لما ثبت في "الصحيح" أمره - صلى الله عليه وسلم - المارّ على ديار ثمود ونحوهم بذلك.


(١) "القاموس المحيط" ٤/ ٢٧٦.
(٢) "المجموع" ٨/ ١٢٧ - ١٢٨.