للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وسُمِّي بذلك؛ لأن فِيل أصحاب الفيل حُصِر فيه؛ أي: أعيا فيه، وَكَلَّ ومنه قوله تعالى: {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: ٤]، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقيل: لأنه يحسّر سالكينه، ويُتعبهم، يقال: حسّرت الناقة: أتعبتها، وأهل مكة يسمّون هذا الوادي وادي النار، يقال: إن رجلًا اصطاد فيه، فنزلت نار، فأحرقته (١).

(فَحَرَّكَ قَلِيلًا) أي: حرّك - صلى الله عليه وسلم - ناقته تحريكًا قليلًا، أو زمانًا قليلًا، أو مكانًا قليلًا؛ أي: يسيرًا، وصح أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أتى محسرًا أسرع ناقته حتى جاوز الوادي، قال النوويّ: قدر رمية حجر، قال القاري: وأما ما صحّ عن ابن عباس وأسامة - رضي الله عنهم - أنه - صلى الله عليه وسلم - تركه من عرفة إلى منى، فمحمول على أنه تركه عند الزحمة؛ لأن الإثبات مقدم، لا سيما وهو أكثر رواةً، وأصح إسنادًا، وقد يُحْمَل على أنه أسرع في بعضه، وترك الإسراع في كلّه، مع أن القياس استبقاؤه خشية المزاحمة الموجبة للوحشة، مع وجود الكثرة.

قال: ويُسَنّ أن يقول المارّ به ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، (٢) وروى الطبرانيّ بعضه مرفوعًا:

إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا … مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا

مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا … قَدْ ذَهَبَ الشَّحْمُ الَّذِي يَزِينُهَا

"الوضين": بِطَانٌ عَريضٌ يُنسَج من سُيُور، أو شَعَر، أو لا يكون إلا من


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٣٧، والحكاية الأخيرة تحتاج إلى النظر في سندها، فأين هو؟ والله تعالى أعلم.
(٢) جعله أبو بكر بن أبي شيبة - رَحِمَهُ اللهُ - لعمر - رضي الله عنه -، دون الشطر الأخير، لا لابن عمر - رضي الله عنهما -، فقال في "مصنفه" ٣/ ٤٢٧:
(١٥٦٤٥) - حدّثنا علي بن هاشم، عن هشام، عن أبيه، قال: كان عمر يوضع، يقول:
إليك تعدو قلقًا وضِينها … معترض في بطنها جنينها
مخالف دين النصارى دينها
وهذا الإسناد رجاله رجال الحسن، فإن علي بن هاشم صدوقٌ.