قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه القائلون بعدم وجوب الكفّارة على المرأة هو الأقرب؛ لأنه يدلّ عليه ظاهر الحديث، وأما القول بالوجوب، فيحتاج إلى دليل، ولذا قال في "الفتح": واستُدِلّ بإفراد الرجل بذلك على أن الكفارة عليه وحده دودن الموطوءة، وكذا قوله في المراجعة:"هل تستطيع"، و"هل تجد" وغير ذلك، وهو الأصح من قولي الشافعية، وبه قال الأوزاعيّ، وقال الجمهور، وأبو ثور، وابن المنذر: تجب الكفارة على المرأة أيضًا، على اختلاف وتفاصيل لهم في الحرّة والأمة، والمطاوِعة والمكرَهة، وهل هي عليها، أو على الرجل عنها.
واستَدلّ الشافعية بسكوته - صلى الله عليه وسلم - عن إعلام المرأة بوجوب الكفارة مع الحاجة.
وأجيب بمنع وجود الحاجة إذ ذاك؛ لأنها لم تَعترف، ولم تُسأل، واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكمًا ما لم تعترف، وبأنها قضية حال، فالسكوت عنها لا يدلّ على الحكم؛ لاحتمال أن تكون المرأة لم تكن صائمة؛ لعذر من الأعذار، ثم إن بيان الحكم للرجل بيان في حقّها؛ لاشتراكهما في تحريم الفطر، وانتهاك حرمة الصوم، كما لم يأمره بالغسل، والتنصيص على الحكم في حقّ بعض المكلفين كافٍ عن ذكره في حقّ الباقين.
وَيحْتَمِل أن يكون سبب السكوت عن حكم المرأة ما عرفه من كلام زوجها بأنها لا قدرة لها على شيء.
واستدلّ بعضهم بقوله في بعض طرق هذا الحديث:"هلكت، وأهلكت " وهي زيادة فيها مقال، فقال ابن الجوزي في قوله:"وأهلكت" تنبيه على أنه أكرهها، ولولا ذلك لم يكن مُهلكًا لها.
قال الحافظ: ولا يلزم من ذلك تعدد الكفارة، بل لا يلزم من قوله:"وأهلكت" إيجاب الكفارة عليها، بل يَحتمل أن يريد بقوله:"هلكت": أَثِمت، وأهلكت: أي كنت سببًا في تأثيم من طاوعتني فواقعتها؛ إذ لا ريب في حصول الإثم على المطاوِعة، ولا يلزم من ذلك إثبات الكفارة، ولا نفيبها، أو المعنى:"هلكتُ": أي حيث وقعت في شيء لا أقدر على كفارته، "وأهلكتُ": أي نفسي بفعلي الذي جرّ عليّ الإثم.