للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكذلك رواه الدارقطنيّ في "العلل" من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهريّ، وقال في آخره: فصارت سنة عتق رقبة، أو صيام شهرين، أو إطعام ستين مسكينًا، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق أن الأرجح هو القول بكون الكفّارة على الترتيب المذكور في هذا الحديث؛ لظاهر النصّ.

وأما حديث أبي هريرة الآتي الذي احتجّ به المالكيّة؛ لكونه بـ "أو"، فإن "أو" فيه للتقسيم، لا للتخيير؛ جمعًا بين الروايات، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: لفظة "أو" فيه للتقسيم، لا للتخيير، تقديره: أن يُعتق، أو يصوم إن عجز عن العتق، أو يُطعم إن عجز عنهما، وتبيّنه الروايات الباقية. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم، هل على المرأة كفّارة أم لا؟:

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إن هذه الكفّارة هل هي على الجاني وحده؟ وهذا كما هو مذهب الجمهور، أو عنه وعن موطوءته؟ كما صار إليه الشافعيّ، وأهل الظاهر، وليس في الحديث ما يدلّ على ذلك، لكن الحديث إنما تعرّض للرجل، وسكت عن المرأة، فيؤخذ حكمها من دليل آخر، ولعله إنما سكت عنها؛ لأنَّها كانت غير صائمة؛ لأنَّها طهرت من حيضتها في أضعاف اليوم، أو كتابيّة، وعلى الجملة فحالها مجهولٌ، ولا سبيل إلى التحكّم بأنها كانت مكرهةً، أو مختارةً، أو غير ذلك، ومشهور مذهب مالك في المكرهة أن مكرِهها يكفّر عنها؛ لأنه هَتَكَ صومين بالنسبة إليها وإليه، فكأنه هتك يومين، قال سحنون: لا شيء عليه لها، ولا عليها، وبه قال أبو ثور، وابن المنذر (٣)، ولم يختلف المذهب في أن عليها القضاء. انتهى (٤).


(١) "الفتح" ٥/ ٣١٤ - ٣١٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٢٧.
(٣) سيأتي في عبارة "الفتح" أن أبا ثور، وابن المنذر من القائلين بالوجوب على المرأة، فليُحرّر.
(٤) "المفهم" ٣/ ١٧٢ - ١٧٣.