للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وسلك الجمهور في ذلك مسلك الترجيح بأن الذين رووا الترتيب عن الزهريّ أكثر ممن روى التخيير.

وتعقبه ابن التين بأن الذين رووا الترتيب: ابن عيينة، ومعمر، والأوزاعيّ، والذين رووا التخيير: مالك، وابن جريجٍ، وفُليح بن سليمان، وعمرو بن عثمان المخزوميّ، قال الحافظ: وهو كما قال في الثاني دون الأول، فالذين رووا الترتيب في البخاريّ الذي نحن في شرحه أيضًا: إبراهيم بن سعد، والليث بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، ومنصور، ورواية هذين في هذا الباب الذي نشرحه، وفي الذي يليه، فكيف غفل ابن التين عن ذلك، وهو ينظر فيه؟ بل روى الترتيب عن الزهريّ كذلك تمام ثلاثين نفسًا، أو أزيد.

ورُجّح الترتيب أيضًا بأن راويه حَكَى لفظ القصة على وجهها، فمعه زيادة علم، من سورة الواقعة، وراوي التخيير حَكَى لفظ راوي الحديث، فدلّ على أنه من تصرّف بعض الرواة، إما لقصد الاختصار، أو لغير ذلك.

ويترجح الترتيب أيضًا بأنه أحوط؛ لأن الأخذ به مجزئ سواء قلنا بالتخيير أو لا، بخلاف العكس.

وجمع بعضهم بين الروايتين كالمهلَّب والقرطبيّ بالحمل على التعدد، وهو بعيد؛ لأن القصة واحدة، والمخرج متحد، والأصل عدم التعدد.

وبعضهم حمل الترتيب على الأولوية، والتخيير على الجواز، وعكسه بعضهم، فقال: "أو" في الرواية الأخرى ليست للتخيير، وإنما هي للتفسير، والتقدير: أَمَرَ رجلًا أن يعتق رقبة، أو يصوم إن عجز عن العتق، أو يطعم إن عجز عنهما.

وذكر الطحاويّ أن سبب إتيان بعض الرواة بالتخيير، أن الزهريّ راوي الحديث قال في آخر حديثه: فصارت الكفّارة إلى عتق رقبة، أو صيام شهرين، أو الإطعام، قال: فرواه بعضهم مختصرًا مقتصِرًا على ما ذكر الزهريّ أنه آل إليه الأمر، قال: وقد قَصّ عبد الرَّحمن بن خالد بن مسافر عن الزهريّ القصة على وجهها، ثم ساقه من طريقه، مثل حديث الباب إلى قوله: "أطعمه أهلك"، قال: فصارت الكفّارة إلى عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا.