للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو حيث تعتقد في نبيّك هذا القول الذي لا يصدر عن مؤمنٍ. انتهى (١).

وقوله: (إنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ") جوابه مقدّرٌ دلّ عليه ما قبله؛ أي فلقد خبت وخسرت (فَقَال عُمَرُ بن الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-) وجاء في روايات أخرى أن خالد بن الوليد -رضي الله عنه- هو الذي استأذن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في قتله، ولا تعارض في ذلك لإمكان أن يستأذن كلٌّ منهما، فتنبّه (٢)، والله تعالى أعلم.

(دَعْنِي) أي اتركني، ولا تمنعني من قتله؛ لأنه يستحقّ القتل (يا رَسُولَ اللهِ، فَأَقْتُلَ هذا الْمُنَافِقَ) بالنصب على جواب الأمر، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ … مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مَعَاذَ اللهِ) منصوب على المصدريّة لفعل محذوف، ومضاف إلى المفعول؛ أي أعوذ بالله من (أَنْ يَتَحَدَّثَ الناس أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي) والمراد بالناس هم المشركون، فقد أخرج أحمد، والطبريّ من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: "أُتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بِمُويل، فقعد يقسمه، فأتاه رجلٌ، وهو على تلك الحال … " فذكر الحديث، وفيه: "فقال أصحابه: ألا تضرب عنقه؟ فقال: لا أريد أن يسمع المشركون أني أقتل أصحابي".

(إِنَّ هَذَا) أي الرجل الذي قال: "يا محمد اعدل" (وَأَصْحَابَهُ يقرأون الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ) بالفتح: جمع حَنْجَر: رأس الْغَلْصَمة حيث تراه ناتئًا من خارج الحلق (٣).

قال القاضي عياض رحمه الله: فيه تأويلان:

[أحدهما]: معناه لا تَفْقَهه قلوبهم، ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظّ سوى تلاوة الفم، والحنجرةِ، والحلقِ؛ إذ بهما تقطيع الحروف.

[والثاني]: معناه لا يصعد لهم عمل، ولا تلاوة، ولا يُتَقَبَّل. انتهى (٤).

(يَمْرُقُونَ) أي يخرجون، يقال: مَرَق السهم من الرَّميّة مُرُوقًا، من باب قعد: خرج منه من غير مدخله (٥). (مِنْهُ) الضمير للإسلام، أو الدين، كما


(١) "الفتح" ٧/ ٤١٦ "كتاب فرض الخمس" رقم (٣١٣٨).
(٢) راجع: "شرح النوويّ" ٧/ ١٥٩.
(٣) "النهاية" ١/ ٤٤٩.
(٤) "إكمال المعلم" ٣/ ٦٠٩.
(٥) "المصباح" ٢/ ٥٦٩.