للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد تقدّمت ترجمته -رضي الله عنه- في "الطهارة" ٢٣/ ٦٤٣. (فِضَّةٌ) فيه تصريح بأن الذي قسمة -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر -رضي الله عنه- هي الفضّة، وكان في سنة ثمان، بخلاف ما سيأتي في حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، فإنه ذهب، وكان ذلك في سنة تسع (وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْبضُ منها، يُعْطِي النَّاسَ) أي عامّة الناس، فلم يخُصّ أشخاصًا معيّنين، كما فعل في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-، فإنه قسم الذهب بين أربعة أشخاص، كما سيأتي (فَقَالَ) ذلك الرجل (يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ، قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("وَيْلَكَ) أي هلاكك، بمعنى هلكت، قال السمين الحلبيّ رحمه الله: هو منصوب على المصدريّة بفعل مُلاقٍ له في المعنى دون الاشتقاق، ومثلُهُ: وَيْحَه، وويْسَهُ، وويْبَهُ، وإما على المفعول به بتقدير: ألزمك الله ويلك. انتهى (١).

وقال ابن الأثير رحمه الله: الويل: الحزن، والهلاك، والمشقّةُ من العذاب، وكلُّ من وقع في هَلَكَة دعا بالويل، ومعنى النداء فيه: يا حزني، ويا هلاكي، ويا عذابي احضُر، فهذا وقتك، وأوانك، قاله في "النهاية" (٢).

(وَمَنْ) استفهاميّة، كما مرّ في الحديث الماضي (يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ؟، لقد خِبْتُ وَخَسِرْتُ) " قال النوويّ رحمه الله: رُوي بفتح التاء في "خِبْتُ"، و"خَسِرتُ"، وبضمهما فيهما، ومعنى الضم ظاهرٌ، وتقدير الفتح خبتَ أنت أيها التابع؛ إذا كنتُ لا أعدل؛ لكونك تابعًا ومقتديًا بمن لا يعدل، والفتح أشهر، والله أعلم. انتهى (٣).

ووقع عند البخاريّ بلفظ: "لقد شَقِيتُ"، قال في "الفتح": وقوله في هذه الرواية: "لقد شقيتُ" بضم المثناة للأكثر، ومعناه ظاهرٌ، ولا محذور فيه، والشرط لا يستلزم الوقوع؛ لأنه ليس ممن لا يَعْدِل، حتى يحصل له الشَّقَاء، بل هو عادل، فلا يَشْقَى، وحَكَى عياض فتحها، ورجحه النوويّ، وحكاه الإسماعيليّ عن رواية شيخه الْمَنِيعِيِّ من طريق عثمان بن عُمَر، عن قُرَّة، والمعنى: لقد شقيتَ؛ أي ضَلَلْتَ أنت أيها التابع، حيث تقتدي بمن لا يعدل،


(١) راجع: "حاشية الجمل على الجلالين" في "سورة الأحقاف" عند قوله تعالى: {وَيْلَكَ آمِنْ} الآية (٤/ ١٣٠).
(٢) "النهاية" ٥/ ٢٣٦.
(٣) "شرح النوويّ" ٧/ ١٥٩.