للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قالوا في جواب ذلك: رضينا عن الله ورسوله، وكذا ذكر موسى بن عقبة في "مغازيه" بغير إسناد، وأخرجه أحمد عن ابن أبي عديّ، عن حُميد، عن أنس، بلفظ: "أفلا تقولون: جئتنا خائفًا فآمناك، وطريدًا فآويناك، ومخذولًا فنصرناك"، فقالوا: بل الْمَنّ علينا لله ولرسوله، وإسناده صحيح.

ورَوَى أحمد من وجه آخر، عن أبي سعيد قال: قال رجل من الأنصار لأصحابه: لقد كنت أحدثكم أن لو استقامت الأمور لقد آثر عليكم، قال: فردوا عليه ردًّا عنيفًا، فبلغ ذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الحديث.

وإنما قال -صلى الله عليه وسلم- ذلك تواضعًا منه، وإنصافًا، وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة الظاهرة في جميع ذلك له عليهم، فإنه لولا هجرته -صلى الله عليه وسلم- إليهم، وسكناه عندهم، لَمَا كان بينهم وبين غيرهم فرق، وقد نَبَّهَ على ذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا ترضون إلخ"، فنبههم على ما غَفَلوا عنه من عظيم ما اختَصُّوا به منه بالنسبة إلى ما حَصَل عليه غيرهم من عَرَض الدنيا الفانية، قاله في "الفتح" (١).

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْإِبِلِ) ولفظ البخاريّ: "بالشاة والبعير" وهو اسم جنس فيهما، والشاة تقع على الذكر والأنثى، وكذا البعير، وفي رواية الزهريّ: "أن يذهب الناس بالأموال"، وفي رواية قتادة، وأبي التيّاح: "أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا" (وَتَذْهَبُونَ برَسُولِ اللهِ إِلَى رِحَالِكُمْ؟) -بالحاء المهملة-: أي بيوتكم، وهي رواية قتادة وأبَي التيّاح، زاد في رواية الزهريّ، عن أنس: "فوالله لَمَا تنقلبون به خير مما ينقلبون به وزاد فيه أيضًا: "قالوا: يا رسول الله قد رضينا وفي رواية أبي التيّاح: "قالوا: بلى" (٢)، وذكر الواقديّ أنه حينئذ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين تكون لهم خاصة بعده دون الناس، وهي يومئذ أفضل ما فُتِح عليه من الأرض، فَأَبَوا، وقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا (٣).


(١) "الفتح" ٩/ ٤٦١ - ٤٦٢ "كتاب المغازي" رقم (٤٣٣٠).
(٢) هذه الزيادة في رواية أبي التيّاح ليست عند المصنّف في الرواية الماضية، بل هي عند البخاريّ، فتنبّه.
(٣) "الفتح" ٩/ ٤٦٢.