للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاتصاف بها، فظهر من هذا أن رواية الشيخين أرجح من إحدى روايتي أبي داود نقلًا ودرايةً؛ لأنها حينئذ من باب الكناية، وهي أبلغ من التصريح، فيكون أرجح. انتهى (١).

(تنبيه): هذه الأحاديث كلها واضحة في أن التفسير المذكور مرفوع، قال القرطبيّ رحمه الله: وقع تفسير اليد العليا والسفلى في حديث ابن عمر هذا، وهو نصّ يرفع الخلاف، ويدفع تعسّف من تعسّف في تأويله. انتهى.

قال الحافظ رحمه الله: لكن ادعى أبو العبّاس الدانيّ في "أطراف الموطأ" أن التفسير المذكور مدرجٌ في الحديث، ولم يذكر مستنده لذلك، ثم وجدت في "كتاب العسكريّ في الصحابة" بإسناد له، فيه انقطاعٌ، عن ابن عمر أنه كتب إلى بشر بن مروان: إني سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اليد العليا خير من اليد السفلى، ولا أحسب اليد السفلى إلا السائلة، ولا العليا إلا المعطية"، فهذا يشعر بأن التفسير من كلام ابن عمر، ويؤيّده ما رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: "كنا نتحدّث أن العليا هي المنفقة". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن دعوى الإدراج المذكور غير صحيحة؛ لأن الحديث اتَّفَقَ عليه الشيخان، مرفوعًا، وما ذكره الحافظ مما يؤيّد الدعوى المذكورة، فغير مقبول؛ لأن ما نقله من كتاب العسكري منقطع، كما اعترف هو به، وكذا ما نقله عن ابن أبي شيبة، ففي سنده سفيان الثوريّ، وهو وإن كان إمامًا، إلا أنه مدلّسٌ، وقد رواه بالعنعنة (٣)، فكيف يُعارَض بمثل هذا ما اتَّفَقَ الشيخان على صحته مرفوعًا؟، فتبصّر بالإنصاف، ولا تسلك سبيل الاعتساف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- هذا متفقٌ عليه.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥١٤ - ١٥١٥.
(٢) "الفتح" ٤/ ٤٩.
(٣) انظر: "مصنّف ابن أبي شيبة" ٣/ ٢١١.