للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النَّاسُ اتَّقُوا} من حيث المعنى، على تأويل "قال" بـ "قرأ"؛ أي: قرأ هذه الآية، والآيةَ التي في سورة الحشر، وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا} من حيث المعنى، على تأويل "قال" بـ "قرأ"؛ أي: قرأ هذه الآية، والآيةَ التي في سورة الحشر، وقوله: ({وَاتَّقُوا اللَّهَ}) يَحْتَمل أن يكون منصوبًا على البدليّة من "الآيةَ"، محكيًّا، ويَحْتَمل أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هي.

ووقع في بعض النسخ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} أَمْرٌ من الله تعالى للمؤمنين بتقواه، وهو يَشْمَل فعل ما به أَمَر، وترك ما عنه زَجَر {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: ١٨]) زاد في رواية الطبرانيّ: "إلى قوله: {هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: ٢٠].

والمعنى: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وانظروا ماذا ادّخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم، وعَرْضكم على ربّكم.

وسبب قراءته -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية كونها أبلغ في الحثّ على الصدقة، كما أن الآية المتقدّمة أبلغ في الترابط بين أجناس بني آدم، والله تعالى أعلم.

("تَصَدَّقَ رَجُل مِنْ دِينَارِهِ) أي: ليتصدّق رجل من ديناره، فهو خبر بمعنى الأمر، وفي رواية الطبرانيّ: "تَصَدَّقُوا قبل أَنْ لا تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقَ رَجُل من دِينَارِهِ، تَصَدَّقَ رَجُل من دِرْهَمِهِ، تَصَدَّقَ رَجُل من بُرِّهِ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ من تَمْرِهِ، من شَعِيرِهِ، لا تَحْقِرَنَ شيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ بشِقِّ تَمْرَةٍ … ".

[تنبيه]: قال أبو البقاء الْعُكبَريّ -رحمه الله- في "إعراب الحديث": قوله: "تصدّق رجل" يَحْتَمِلُ وجهين:

[أحدهما]: أن يكون أراد الشرط؛ أي: إن تصدّق رجلٌ، ولو بشيء حقير من ماله أُثيب، وحُذف حرف الشرط وجوابه للعلم به، كما قال تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)} [طه: ١١٨ - ١١٩] تقديره: إن أقمتَ على الطاعة.

[والوجه الثاني]: أن يكون الكلام محمولًا على الدعاء، فكانّه قال: رَحِم الله امرءأ تصدّق، كما قالوا: امرءًا اتَّقَى اللهَ؛ أي: رَحِمَ اللهُ، وجعل الفاعل، وهو قوله: "رجلٌ" مفسّرًا للمنصوب المحذوف.

ويَحْتَمِل وجهًا ثالثًا: وهو أن يكون على الخبر؛ أي: تصدّق رجلٌ من