للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فخيل رجلٍ (رَبَطَهَا رِيَاءً) بالهمز، ويُبدل؛ أي: ليُري الناس عظمته في ركوبه وحشمته (وَفَخْرًا) أي: ليفتخر بلسانه على من دونه من الناس (وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ) الواو بمعنى "أو"؛ فإن هذه الأشياء قد تفترق في الأشخاص، وكلّ واحد منها مذموم على حدته، والنّواء بكسر النون والمدّ: المنازعة والمعاداة، يقال: ناوأته نِواءً، ومنوأةً: إذا عاديته، كأنه ناء إليك، ونأوت إليه، من النوء وهو النهوض، كأن كلّ واحد من المتعاديين ينهض إلى صاحبه بالعداوة (١).

والمعنى: أنه ربطها منازعةً ومعاداةً للمسلمين.

(فَهِيَ) أي: تلك الخيل (لَهُ) أي: لذلك الرجل (وِزْرٌ) أي: مكسب للإثم، بسبب قصده السيّئ، فالجملة مؤكّدة لما قبلها مشعرة باهتمام الشارع به، والتحذير عنه.

(وَأَمَّا الَّتي هِيَ لَهُ سِتْرٌ) بفتح السين، وكسرها؛ أي: ساتر وحجاب له عن ذلّ السؤال، والحاجة إلى الناس (فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ) قيل: معناه: ليجاهد في سبيل الله، والصواب ما قاله الطيبيّ رحمهُ اللهُ: إنه لم يُرد به الجهاد، بل النيّة الصالحة؛ لئلا يلزم منه التكرار، قال: ويعضده رواية غيره: "ورجل ربطها تغنّيًا وتعفّفًا"؛ أي: استغناء بها وتعفّفًا عن السؤال، وهو الآن يطلب بنتاجها الغنى والعفّة، أو يتردّد عليها إلى متاجرة ومزارعة، فتكون سترًا له تحجبه عن الفاقة. انتهى (٢).

(ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي ظُهُورِهَا) أي: بالعارية للركوب، أو الفحل (وَلَا رِقَابِهَا) قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: إما تاكيد وتَتِمّةٌ للظهور، وإما دليل لقول من قال بوجوب الزكاة فيها. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد استظهر القاري الاحتمال الثاني تأييدًا لمذهبه الحنفيّ الموجب لزكاة الخيل، لكن الراجح عدم الوجوب، كما سيأتي تحقيقه، فتنبّه.

وقال الجزريّ في "جامع الأصول": أما حقّ الظهور، فهو أن يَحْمِل


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤٧٤.
(٢) راجع: "الكاشف" ٤/ ١٤٧٤.