للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في الرقاب منفعة عائدة إلى الغير، كالظهور، وبمفهوم الجواب الآتي من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أُنزل عليّ في الْحُمُرِ شيءٌ".

وأجاب القاضي البيضاويّ عنه بأن معنى قوله: "لم ينس حقّ الله في رقابها" أداء زكاة تجارتها.

قال الطيبىّ: وجه هذه الكناية أن الرقاب ربما يُكنى بها عن الانقياد والمملوكيّة، وما يساق للتجارة يقاد بها بما يشدّ على رقابها للجلب، وينصره قوله: "لم ينس"، فإنه لا يستعمل في الوجوب، كقوله تعالى: {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} الآية [القصص: ٧٧].

وأما الجواب عن السؤال الأخير، فإن الفاء في قوله: "فالْحُمُرُ" جاءت عقب المذكورات، كأنه قيل: عرفنا الوجوب في النقدين، والأنعام، والندب في الخيل، فما حكم الحمير؟.

قال: وفي قوله: "فالخيل ثلاثة" جمع وتفريق وتقسيم، فأما الجمع، ففي قوله: "ثلاثة"، وأما التفريق ففي قوله: "هي لرجل وزرٌ … إلخ". انتهى كلام الطيبيّ رحمهُ اللهُ (١).

ومعنى قوله: (الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ) أي: ربطها على ثلاثة أنحاء، وفي رواية: "الخيل لثلاثة"، ووجه الحصر في الثلاثة أن الذي يقتني الخيل، إما أن يقتنيها للركوب، أو للتجارة، وكلّ منهما، إما أن يقترن به فعل طاعة الله، وهو الأول، أو معصيته، وهو الأخير، أو يتجرّد عن ذلك، وهو الثاني، قاله في "الفتح" (٢).

(هِيَ) أي: الخيل (لِرَجُلٍ وِزْرٌ) أي: ثقلٌ وإثمٌ (وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ) بكسر، فسكون: أي: ساترة لحاله في معيشته؛ لحفظه عن الاحتياج والسؤال (وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ) أي: ثواب عظيم، فالتنوين للتعظيم.

(فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ، فَرَجُلٌ) قال القاري: الظاهر أن يقال: فخيل ربطها، أو يقال: فأما الذي هي له وزر، فرجلٌ، والأظهر أن يكون التقدير:


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤٧٣ - ١٤٧٤.
(٢) "الفتح" ٦/ ١٥٤.