للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عليها منقَطَعًا، ويشهد له قوله في موضع آخر: "وأن يُفقِر ظهرها"، وأما حقّ رقابها، فقيل: أراد به الإحسان إليها، والقيام بعلفها، وسائر مؤنها، وقيل: أراد به الحمل عليها، فعبّر بالرقبة عن الذات. انتهى (١).

وأوّله السنديّ بأن المراد: لم ينس شكر الله تعالى لأجل إباحة ظهورها، وتمليك رقابها، وذلك الشكر يتأدّى بالعارية. انتهى.

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وقد تعلّق أبو حنيفة، ومن يقول بوجوب الزكاة في الخيل بقوله: "ثم لم ينس حقّ الله في رقابها"، قالوا: وحقّ الله هو الزكاة، ولا حجة فيه؛ لأن ذكر الحقّ هنا مُجملٌ غير مفسّر، ثم يقال بموجبه؛ إذ قد يتعيّن فيها حقوق واجبة دئه تعالى في بعض الأوقات، كإخراجها في الجهاد، والحمل عليها في سبيل الله، والإحسان بها الواجب، والصدقة بما يكتسب عليها إن دعت إلى ذلك ضرورة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله القرطبيّ رحمهُ اللهُ هو الحقّ، فليس حقّ الله تعالى الواجب محصورًا في الزكاة فقط، فقد يجب في بعض الأحيان غير الزكاة، كما سيأتي تحقيقه قريبًا -إن شاء الله تعالى-.

(فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ) أي: حجاب من سؤال الغير عند حاجته لركوب فرس، بدليل قوله: "تغنّيًا، وتعفّفًا" أي: عن الناس.

(وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي: أعدّها لإعلاء كلمة الله تعالى، وأصله من الربط، ومنه الرباط، وهو حبس الرجل نفسه وعُدّته في الثغور تجاه العدوّ، أفاده القرطبيّ رحمهُ اللهُ (٣).

وقوله: (لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ) فيه إشارة إلى أن المراد به الجهاد، فإن نفعه متعدّ إلى أهل الإسلام.

(فِي مَرْجٍ) بفتح الميم، وسكون الراء، آخره جيمٌ: أي: مَرْعًى، قال في "النهاية": هو الأرض الواسعة ذات نبات كثير، تَمْرُج فيها الدوابّ؛ أي: تُسرَح فيها، والجارّ متعلّق بـ "رَبَطَ"، وقوله: (وَرَوْضَةٍ) عطف تفسير، أو الروضة أخصّ


(١) "جامع الأصول" ٥/ ٤٦٦ - ٤٦٧.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٨.
(٣) "المفهم" ٣/ ٢٨.