للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رأته، وظنّته، وإلا فلا تعارض بين الخبر، والآية، كما أسلفنا توجيهه، فتفطّن، والله تعالى وليّ التوفيق.

وقوله: ({وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الجملة بدل كلّ، أو بعض من "القرآنُ"، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو إلخ.

وقوله: (قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ) قائل: "قال" الأول هو ابن أبي مليكة، والمعنى: قال ابن عبّاس - رضي الله عنهما - عند انتهاء حديثه عن عائشة - رضي الله عنها - مؤيِّدًا ومصدِّقًا لقولها.

وقوله: (وَاللهُ: {أَضْحَكَ وَأَبْكَى} بالرفع مع الواو، وهو حاصل معنى الآية في "سورة النجم": {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (٤٣)} [النجم: ٤٣].

وقوله: (مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ شَيْءٍ) وفي رواية البخاريّ: "ما قال ابن عمر شيئًا"، قال الطيبيّ وغيره: ظهرت لابن عمر - رضي الله عنهما - الحجة، فسكت مُذعِنًا.

وقال الزين ابن المنيّر: سكوته لا يدلّ على الإذعان، فلعله كَرِهَ المجادلة في ذلك المقام.

وقال القرطبيّ: ليس سكوته لشكّ طرأ له بعدما صرّح برفع الحديث، ولكن احتَمَلَ عنده أن يكون الحديث قابلًا للتأويل، ولم يتعيّن له مَحْمِل يَحْمله عليه إذ ذاك، أو كان المجلس لا يقبل المماراة، ولم تتعيّن الحاجة إلى ذلك حينئذ.

وَيحْتَمِل أن يكون ابن عمر فَهِمَ من استشهاد ابن عباس بالآية قبول روايته؛ لأنَّها يمكن أن يُتمسَّك بها في أن لله أن يعذّب بلا ذنب، فيكون بكاء الحيّ علامة لذلك، أشار إلى ذلك الكرماني. انتهى (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "الفتح" ٤/ ٤١.