للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وأما مفهومُ قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: ٢٣]، فهو يدلُّ على أن زوجةَ الابن من التبنيِّ لا تَحْرُمُ، وهي كذلك حَلالٌ بالإجماعِ (١).

وقد ورد حِلُّه مبيَّنًا في موضعٍ آخرَ، قال الله جَلَّ جلالهُ: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: ٣٧]، وهو المراد بمفهوم الآية، وأما حليلُة ابنِ الرَّضاع، فحرامٌ بالاتفاق (٢)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَحْرُمُ منَ الرَّضاعِ ما يَحْرُمُ منَ النَّسَبِ" (٣).

" ثم حرم الله سبحانه الجمعَ بين الأختين، فقال: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣]، وذلك إجماعٌ (٤)، سواءٌ كُنَّ معًا، أو مُتَرَتبِّاتٍ.


= جدًا، وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه، وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك رحمه الله، واختاره ابن حزم، وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين بن تيمية -رحمه الله- فاستشكله وتوقف في ذلك والله أعلم.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٩/ ١٥٨): والأثر صحيح عن علي، وكذا صحَّ عن عمر: أنه أفتى من سأله إذ تزوج بنت رجل كانت تحته جدتها ولم تكن البنت في حجره. أخرجه أبو عبيد.
قال الحافظ: ولولا الإجماع الحادث في المسألة وندرة المخالف لكان الأخذ به أولى؛ لأن التحريم جاء مشروطًا بأمرين: أن تكون في الحجر، وأن يكون الذي يريد التزويج قد دخل بالأم، فلا تحرم بوجود أحد الشرطين.
(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١١٦).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: ٧٦)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٤٨٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>