للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما اختلفوا في إلحاقِ الأمهات بالبنات في التقييد:

فمنهم من ألحقها بالبنت، فاشترطَ الدخولَ، ولم يرَ بينهما فرقًا.

ومنهم من لم يُلْحقها بها، ورأى أن الأمَّ لا يُصيبها نُفْرَةٌ، ولا يلحقها (١) غَيْرَةٌ على ابنتها، بخلاف البنتِ، كما هو المعهودُ من طباعِ الناس، فرآه فارقًا من محاسن الشريعة.

فإن قيل: فتقييدُ (٢) الربائب بكونهن في الحُجور يدلُّ على أنهن إذا لم يكنَّ في الحُجور لا يَحْرُمْنَ.

فالجوابُ: أن هذا الخطابَ لا مفهومَ له، وإنما ورد استعمالهُ على غالبِ الوجود؛ فإن الموجودَ من أحوال الناس أن الربائبَ لا يَكُنَّ إلا في حُجورِ أزواجِ أمهاتهن، وهذا قولُ جمهورِ أهل العلم.

وخالف داودُ، فجعلَه مفهومًا، وأباحَ الربيبةَ التي لم تكنْ في حجرِ الرجل، وهذا من ظواهره البعيدة (٣).


(١) في "ب": "تعتريها".
(٢) في "أ": "تقييدُ".
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١١٢).
قلت: استدل داود وغيره بالأثر المروي عن علي رضي الله عنه في ذلك، وهو ما رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٠٨٣٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩١٢) عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كانت عندي امرأة فتوفيت، وفد ولدت لي، فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: مالك؟ فقلت: توفيت المرأة، فقال علي: لها ابنة، قلت: نعم وهي بالطائف، قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا، هي بالطائف، قال: فانكحها، قلت: فأين قول الله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}؟ قال: إنها لم تكن في حجرك، إنما ذلك إذا كانت في حجرك.
قال ابن كثير في "تفسيره" (١/ ٤٧٢) بعد أن ساق إسناد ولفظ ابن أبي حاتم: وهذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم، وهو قول غريب =

<<  <  ج: ص:  >  >>