للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وبَيَّنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن ما كانَ من أسبابِ الرفثِ ودواعيه، فهو حرامٌ، فقالَ: "لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، ولا يُنْكَحُ، ولا يَخْطِبُ" (١).

* ومفهومُ هذا الخِطاب يقتضي أنَّ من فرضَ الحجَّ في غيرِ أشهُره، فله أن يرفُثَ، وذلك يستلزمُ عدمَ صِحّةِ فرضِه، وبهذا قال بعضُهم (٢).

وقال الشافعيُّ: لا يصحُّ فرضُه للحج، لكنه يكونُ عُمْرَةً (٣)، وأقاسَهُ على الصَّلاةِ قبلَ وقتِها؛ فإن المكتوبةَ لا تصحُّ مكتوبةً، وتصحُّ نافلةً.

ويدلُّ له قولُه تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]؛ فإنَّ اللهَ تعالى أمر بإتمامِ الحجِّ، ولم يمكنْ إتمامه، فانقلبَ عُمْرَةً، وهيَ العبادةُ التي يمكنُ إتمامُها، فعارضَ هذا المفهومُ هذا العمومَ، وترجَّحَ العُمومُ بالقياسِ.


(١) رواه مسلم (١٤٠٩)، كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته، عن عثمان بن عفان.
وهو قول مالك والشافعي وأحمد وجمهور أهل العلم. انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٦٤٥)، و"المجموع" للنووي (٧/ ٢٩٦)، و"المغني" لابن قدامة (٥/ ١٦٢)، و"الذخيرة" للقرافي (٣/ ٣٤٤).
وقال الثوري، والحكم، وأبو حنيفة، وصاحباه، وآخرون: يجوز أن يتزوج وأن يزوِّج، وإن تزوج فلا يدخل بها حتى يحل. انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٢/ ٢٦٨)، و"المجموع" للنووي (٧/ ٣٠٢)، و"عمدة القاري" للعيني (١٠/ ١٩٥).
(٢) وهو قول داود وابن حزم. انظر: "المحلى" (٧/ ٦٥)، و"المجموع" للنووي (٧/ ١٣٣).
(٣) وهو قول عطاء، ومجاهد، وطاوس، والأوزاعي، وأبي ثور. انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢٥١)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٧٤)، و"المجموع" للنووي (٧/ ١٣٣)، و"المغني" لابن قدامة (٥/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>