للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا نسكاً، فهل بين التسميتين فرقٌ أو تأثيرٌ في الحُكْم، أو لا؟

قلنا: أما الهَدْي فيطلَقُ في عُرْفِ الشرعِ على ما ساقَهُ المُحْرِمُ إلى البيتِ من بهيمةِ الأنعامِ ابتداءً.

والنسكُ يطلق في العُرْفِ على الدَّمِ الذي يُذْبَحُ إمَّا كفارةً، وإما فديةً، وإما جُبراناً، وقد يطلَقُ عليه (١) اسمُ الهديِ أيضاً (٢)، قال الله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥].

وأما الحكمُ فواحدٌ عندَ الشافعيِّ وأبي حنيفة، فأوجبا الذبح بمكةَ كالهدي (٣)، إما لوقوع اسم الهدي عليه عندهما، وإما لحمل المطلَقِ في الفديةِ على المقيَّدِ في هَدْيِ الإحصار عند الشافعي.

وقال مالكٌ في إحدى الروايات عنه (٤): يذبحُ أين شاءَ، بمكة أو غيرها، وكأنَّ الشرعَ إنما خالف بين اسميهما لاختلافِ حُكْمَيْهما (٥)، مع ذكرِه للبيانِ في إحداهما (٦)، وتركه له في الأخرى (٧).


(١) في "أ": "عليها".
(٢) انظر ما جاء في معاني النُّسُكِ: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٢٦)، و "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٣/ ٣٤٠ - ٣٤١)، و "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٤٧)، و "لسان العرب" لابن منظور (١٠/ ٤٩٨).
(٣) انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٣١١)، و "رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٥٢٣).
(٤) وهذه الرواية هي المذهب. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٣٠٧)، و "التفريع" لابن الجلاب (١/ ٣٢٦)، و "حاشية الدسوقي" (٢/ ١٠٦).
(٥) فعند الإمام مالك: الهدي لا يذبح إلا بمكة، أما غيره من النسك فيكون حيث شاء. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٣٠٧)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٥٩).
(٦) في "ب": "أحدهما".
(٧) في "ب": "الآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>