للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استنبطَ الأوزاعيُّ من إطلاق الفديةِ في الأذى، وترتُّبُ (١) الحلقِ على بُلوغِ الهدي محلَّه: أنه يجوزُ للمُحْرِم أن يكفرِ بالفِدْيَةِ قبل الحَلْقِ.

وله وجهٌ في القياسِ على كفارةِ اليمين، وأبى ذلك الجمهورُ، وقاسوه على المُحْصَر (٢).

* ثم استنبطَ أهلُ العلمِ من ترخيصِ الله -سبحانَهُ - للمريضِ في حلقِ رأسه مع إيجاب الفدية وجوبَ الفديةِ على من حَلَقَ ناسياً؛ لأنه عذز في رَفْع الحرج، فلا يكونُ عذراً في ترك الفداءِ؛ كالمريض، وبه قالَ مالكٌ والشافعيُّ (٣)، وداودُ وإسحاقُ (٤).

ثم استنبطوا أن كلَّ ما يُضْطَرُّ إليه المُحْرِمُ بسبب المرضِ، أو دفعِ الأذى؛ كالطيبِ واللُّبْس والستر أنه كالحَلْقِ؛ لأنه (٥) في معناه (٦).


(١) في "ب": "ترتيب".
(٢) قلت: المراد بهذه المسألة: أنه إذا أصابه أذى في رأسه، هل يحلق ثم يفدي، أم يجوز له أن يفدي ثم يحلق؟ فالجمهور قالوا: يحلق ثم يفدي. ولم يظهر لي وجه القياس على المحصر عندهم.
وقال الأوزاعي: يجوز أن يفتدي ثم يحلق، قياساً على كفارة اليمين، فإنه يجوز أن يكفر، ثم يفعل ما حلف عليه. انظر: "تفسير الرازي" (٣/ ١٦٥)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٥٧).
(٣) وهو مذهب الحنفية، والمعتمد عند الحنابلة. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٥٨). وانظر "رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٥٠٧)، و "الذخيرة" للقرافي (٣/ ٣١١)، و "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٢٩٧)، و "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٨١).
(٤) الذي نُقل عن إسحاق وداود: أنه لا فدية على من حلق ناسياً. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٥٨)، و "المغنى" لابن قدامة (٥/ ٣٨١).
(٥) في "ب": "إلا أنه".
(٦) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٥٨). وانظر: "رد المحتار" =

<<  <  ج: ص:  >  >>