للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالأول قال أبو حنيفة (١).

بالثاني قال أحمد (٢).

وللشافعيِّ قولان، والراجحُ (٣) منهما عندي عدمُ الوجوب؛ لأنه لو كان واجباً عليه، لبيَّنَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لِما فرض الله - سبحانه - عليه من بيان كتابه الذي أنزله عليه، والعلم يحيط بأن أكثرَ أصحابه الذين كانوا معه - وكان عددهم معه أربع عشرة مئة - أن فيهم المُعْسِرَ العادمَ للهديِ، بل أكثرُهم عادمون، ولم ينقل أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الوقتِ، ولا في الوقت الثاني، بيَّنَ وجوبَ هديٍ عليهم.

وأما القياس في الكفارات والمناسك، فضعيف عند أهل النظر.

المسألة الثالثة: غير المحصر إذا لم يسق الهدي.

ولا يخفى على أحد أن حلقَ شعرِ رأسه حرامٌ إلى الوقتِ الذي يبلغُ الهدي منه (٤) مَحِلَّهُ، وهو وقتُ التحلُّل، وهذا إجماع (٥)، وإنما اختلفوا في المعنى الذي لأجله مُنع من حلق شعره، فمنهم من رأى منعَه لما فيه من النَّظافَةِ والتزيُّنِ والاستراحة، فعُفي عن اليسير من الشعر، وإليه ذهبَ مالكٌ


(١) فيبقى محرماً حتى يجد الهدي. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٤٩)، و "رد المحتار" لابن عابدين (٤/ ٦).
(٢) قلت: وعدم بقاء الهدي في الذمة هو المعتمد عند الشافعية، ويقام ببدله وهو: طعام بقيمة الشاة؛ فإذا عجز صام عن كل مدٍّ يوماً. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٣١٦).
(٣) في "ب": "والصحيح".
(٤) في "ب": "فيه".
(٥) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٥٨). وانظر: "المجموع" للنووي (٧/ ٢٦٢)، و "المغني" لابن قدامة (٥/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>