للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله تعالى (١)، ومنهم من رأى المنعَ تعبُّداً، فمنع قليلَ الشعر وكثيرَه، وإليه ذهبَ الشافعيُّ رحمه الله تعالى (٢).

المسألة الرابعة: غير المُحْصَرِ إذا ساق الهديَ: -فإن أحرم بحجٍّ: فلا يحلُّ حتى يبلغ الهديُ محلَّه (٣)، وليس (٤) له فَسْخُ الحجِّ إلى العمرةِ بالاتِّفاق؛ للآية (٥)، ولقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لو استقبلتُ من أمري ما اسْتدْبَرْتُ، ما أهديت، ولولا أن معي الهَدْيَ، لأَحْلَلْتُ" (٦)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "اجعلوا إهلالَكُم بالحجِّ عمرةً، إلَّا من قَلَّدَ الهَدْيَ؛ فإنَّهُ لا يحلُّ حتى يبلغَ الهديُ مَحِلَّهُ" (٧).

- وإن أحرم بعمرة، فكذلك لا يحلُّ حتى ينحرَ هديَهُ يومَ النحرِ عندَ أبي حنيفةَ وأحمدَ -رضي اللهُ عنهما -، ولهم من الحُجّةِ قولُه تعالى: {وَلَا


(١) وعليه عند المالكية أن يطعم شيئاً، والعفو عن قليل الشعر بما دون الربع هو مذهب الحنفية، ويلزمه عندهم صدقة. انظر: "اللباب" للغنيمي (١/ ١/ ١٨٢)، و "مواهب الجليل" للحطاب (٤/ ٢٢٥)، و "حاشية الدسوقي" (٢/ ٩٥).
(٢) والقليل عند الشافعية والحنابلة هو دون ثلاث شعرات. انظر: "المغني" لابن قدامة (٥/ ٣٨٢)، و "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٢٩٧).
(٣) قلت: لعل المراد بالهدي هو هدي القِران؛ لأن ما ساقه المفرد من الهدي هو تطوع لا يمنع شيئاً، كما قال ابن عبد البر، ولذلك قال: وهدي القران يمنع من الإحلال عند جماعة فقهاء الأمصار وجمهور أهل العلم. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٣/ ٨٨).
(٤) في "ب": "فليس".
(٥) تقدمت هذه المسألة قريباً.
(٦) رواه البخاري (١٥٦٨)، كتاب: الحج، باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، عن جابر بن عبد الله.
(٧) رواه البخاري (١٤٩٧)، كتاب: الحج، باب: قول الله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>