للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وعلى الذين يُطَيَّقونَهُ) (١) أي: يُكَلَّفونه. ويتأوَّلهُ على الشيخِ الكبير، والمرأةِ الكبيرة، وهو قولُ قَتادةَ، وقال: هي غيرُ منسوخة أبداً (٢)، ومعناهُ: وعلى الذينَ كانوا يطيقونَهُ في حالِ الشبابِ، فعجزوا عنهُ بعد الكِبَر، فعليهم الفديةُ بدلَ الصومِ.

وذكر بعضُهم قولاً أغربَ من هذا، فقال: هي محكمةٌ، والمعنى: وعلى الذين يطيقونه، أي: يطيقون الإطعام، ويعجزون عن الصيام، فديةٌ طعامُ مساكين (٣).

قال قائله: وهذا يُروى عن السلفِ، ورجَّعَ الضميرَ إلى (٤) الفداء، وإن لم يتقدم ذكرُه؛ لأنه يَدُلُّ على صاحبِ الإضمار، وذلك جائزٌ في لسان العرب.

وحكى ابنُ وهبٍ عن مالكٍ قال: قال لي مالك في الآية: إنما ذلك في الرجلِ يمرضُ، فيفطرُ، ثم يَبْرَأُ، فلا يَقْضي ما أفطرَ حتى يدركَهُ رمضانُ منْ قابِلٍ، فعليهِ أن يبدأَ برمضانَ الذي أَدْرَكَهُ، ثم يقضي الذي فاتَهُ بعدَ ذلك، ويُطْعِمُ عن كلِّ يومٍ مُدًّا منْ حِنْطَةٍ.

وهذا التأويلُ من مالكٍ يدلُّ على أن الآيةَ محكمةٌ غيرُ منسوخةٍ عندهُ، ويكون المعنى: وعلى الذين يطيقونه، أي: يطيقونَ قضاءَ ما عليهم، فلا يقضون حتى يأتيَ رمضانُ الثاني.

وهو مناقضٌ لما سأحكيهِ عنهُ إن شاء الله تعالى.


(١) انظر: "المحتسب" لابن جني (١/ ١١٨)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٢/ ٣٥)، و "معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٤٢).
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٧٥٨٤).
(٣) ذكره البيهقي في "القضاء والقدر" (ص: ٢٣٦).
(٤) في "ب": "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>