للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدلُّ على هذا ما رويناهُ في "سننِ البيهقيِّ" عن عمرِو بن مُرَّةَ، عن ابنِ أبي ليلى، وقد تقدمَ ذكرُه قريباً [في صدر الكلامِ على أول الآيَة] (١).

لكن ما ذكرَهُ الشافعي عن أهلِ العلمِ غيرُ مُسَلَّمٍ، وإنما وَهِمَ أبو عبد الله، بلِ الآيةُ تنزلُ متفرقةً، وينزل بعضُها دون بعضٍ، وقد رويَ في "صحيح البخاري" عن سهلِ بنِ سعدٍ قال: أنزلت: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧]، ولم ينزلْ {مِنَ الْفَجْر}، وكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربطَ أحدُهم في رجليه الخيطَ الأبيضَ والخيطَ الأسودَ، ولا يزالُ يأكلُ حتى يتبينَ له رؤيتُهما، فأنزل الله بعدُ: {مِنَ الْفَجْر} (٢).

وروي أنه لما أُنزلَ قولُه تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ ... وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٣) [النساء: ٩٥] شقَّ على أُولي الضَّرَر، فأنزلَ اللهُ سبحانه: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: ٩٥].

قال ابنُ عباسٍ: ليستْ منسوخةً، بل هو للشيخِ الكبيرِ والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكانَ كلِّ يومٍ مسكيناً (٤)، وكان يقرأ:


(١) ما بين معكوفتين ليس في "أ".
(٢) رواه البخاري (١٨١٨)، كتاب: الصوم، باب: قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ...}، ومسلم (١٠٩١)، كتاب: الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر. وتمامه: "فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار".
(٣) رواه البخاري (٤٢٣٥)، كتاب: التفسير، باب: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ ...}.
(٤) رواه البخاري (٤٢٣٥)، كتاب: التفسير، باب: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ ...}.

<<  <  ج: ص:  >  >>