* ومنها: أنَّ الترتيبَ بينَ هذهِ الأعضاءِ الأربعةِ شرطٌ؛ لأنَّ اللهَ رتبَها، وأدخلَ عضوًا ممسوحًا بينَ الأعضاءِ المغسولةِ، ولا يُعلمُ لهذا فائدةٌ سوى الترتيبِ، وعمومِ قولهِ ﷺ:«أبدأُ بما بدأَ اللهُ بهِ»(١)، فهوَ وإنْ كان واردًا في الحجِّ فإنهُ يعمُّ كلَّ شيءٍ، معَ أنَّ جميعَ الواصفينَ لوضوئهِ ﷺ ذكروهُ مرتبًا.
* ومنها: أنَّ الموالاةَ شرطٌ أيضًا، ووجْهُ ذلكَ أنَّ اللهَ تعالى ذكَرَ الوضوءَ مقترنًا بعض الأعضاءِ ببعضٍ بالواوِ الدالةِ على اجتماعِ هذهِ العبادةِ بوقتٍ واحدٍ، فإذا فرَّقها في وقتينِ لم تكن عبادةً واحدةً، كما لو فرَّق الصلاةَ؛ وبفعلِ النبيِّ ﷺ الدائمِ الذي كأنكَ تشاهدهُ أنهُ كان يوالِي بينَ أعضاءِ وضوئهِ، وهذا أولى من استدلالِ كثيرٍ من أهلِ العلمِ بقصةِ صاحبِ اللُمْعةِ الذي أمرَهُ النبيُّ ﷺ أنْ يعيدَ الوضوءَ كلَّهُ، فهوَ وإنْ كان فيه بعضُ الدلالةِ على هذهِ المسألةِ، لكنْ يحتملُ أنَّ أَمْرَهُ بالإعادةِ كأمرِ المسيءِ في صلاتهِ أنْ يعيدَ؛ لأنهُ رآهُ مخلًّا بوضوئهِ غيرَ متممٍ لهُ.