للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ في حَدِيثِهِ: قَالَ: قُلْتُ لِقَتَادَةَ: كَأَنَّهُ كَرِهَهُ. قَالَ: لَوْ كَرِهَهُ نَهَى عَنْهُ.

===

لأن قول سعيد بن المسيب كما أنه يشمل الصلاة الجهرية والسرية كذلك حديث عمران يدل على كراهة القراءة خلف الإِمام في السرية والجهرية، فلا مخالفة بينهما أصلًا، فليس معنى قول شعبة إلَّا ما قلنا، وهكذا نقل الشيخ محمد يحيى - رحمه الله- عن شيخه مولانا الشيخ رشيد أحمد الكَنكَوهي - رحمه الله تعالى-.

وقال البيهقي في معنى هذا الكلام: قال الإِمام أحمد - رحمه الله-: قوله: "ذاك إذا جهر به" يحتمل أن يكون راجعًا إلى الإِمام، ويحتمل أن يكون راجعًا إلى المأموم، يعني إنما لا يجوز للمأموم قراءته إذا جهر بالقرآن، فأما إذا قرأه في نفسه فلا يكون مخالفًا للإنصات، انتهى.

(وقال ابن كثير في حديثه: قال) شعبة: (قلت لقتادة: كأنه) - صلى الله عليه وسلم - (كرهه) أي القراءة خلف الإِمام (قال) قتادة: (لو كرهه) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القراءة (نهى عنه).

حاصل هذا الكلام أن شعبة لما سمع هذا الحديث عن شيخه قتادة سأله أن لفظ الحديث يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كره القراءة خلفه، فأجاب قتادة أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكره القراءة, لأنه لو كرهها لنهى عنه، ولما لم ينه عنه علم أنه لم يكرهها، وأنت تعلم أن التنبيه على علة الحكم وهي المخالجة، فإنه علة للكراهة تنصيص على الحكم وإن لم يصرح به، مع أن قول قتادة هذا مخالف للكلام السابق، فإنه يدل على أن الكراهة عند الجهر ثابت عنده، وهذا الكلام ينفي الكراهة مطلقًا، فلو كان المراد الإنكار عن النهي الصريح، فلا يلزم أن يكون صريحًا، وإن كان المراد الإنكار عن النهي والكراهة مطلقًا، فهو غلط، لأنه موجود كما فهمه شعبة بتنصيص العلة، وعلى كل حال قول قتادة في نفي الكراهة غير موجه.

وقد ورد النهي عن القراءة خلف الإِمام صراحة في حديث حجاج بن

<<  <  ج: ص:  >  >>