للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يقول: كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث، بأن الظاهر أنهما حديثان، لأن الذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال: اسكن في الصلاة، وبأن العبرة للفظ وهو قوله: "اسكنوا" لا لسببه، وهو الإيماء حال التسليم، انتهى مختصرًا.

وأصل هذا الجواب للإمام جمال الدين الزيلعي - رحمه الله تعالى- فإنه قال في "نصب الراية" (١): ولقائل أن يقول: إنهما حديثان لا يفسر أحدهما بالآخر كما جاء في لفظ الحديث: "دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا الناس رافعي أيديهم في الصلاة، فقال: ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمس، اسكنوا في الصلاة"، والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال: اسكن في الصلاة، إنما يقال ذلك لمن يرفع يديه في أثناء الصلاة وهو حالة الركوع والسجود ونحو ذلك، وهذا هو الظاهر، والراوي روى هذا في وقت كما شاهده، وروى الآخر في وقت كما شاهده، وليس في ذلك بعد، انتهى.

وحاصل هذا الجواب: أن البخاري فهم أن مؤدى حديث عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة، ومؤدى حديث تميم بن طرفة الطائي عن جابر بن سمرة واحد، بأن الحديثين محمولان على حال التشهد، فإن الصحابة كانوا يشيرون بأيديهم في التشهد حال السلام، وهذا خلاف الظاهر نشأ من قلة التدبر فيهما، بل الظاهر أنهما حديثان مختلفا المؤدى والمراد، يدل أحدهما على غير ما يدل عليه الآخر.

فأما حديث عبيد الله بن القبطية فإنه محمول على السلام بعد التشهد قطعًا، وأما حديث تميم بن طرفة الطائي عن جابر بن سمرة، فغير محمول على التشهد، بل هو محمول على رفع اليدين داخل الصلاة عند الرفع والخفض، فنهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "اسكنوا في الصلاة".


(١) (١/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>