مبلغ الاحتجاج بها، حتى إنها تبلغ مرتبة الشهرة والتواتر، حتى لا يقدح فيها ضعف الرواة.
ورابعتها: أن الحديث إذا رواه ثقة مرفوعًا، ورواه ثقة أو ثقات موقوفًا، فوقفهم الحديث لا يستلزم ضعف الرفع، ولا يستدل به على ضعف المرفوع، فإنه زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة إلَّا أن تدل القرينة على الشذوذ، ولأن الراوي يرويه مرة فيريد أن يحدث به تحديثًا فيرفعها، ويريد أن يفتي به مرة فيوقفها، فلا منافاة في كونه مرفوعًا وموقوفًا، فيصح رفعه ووقفه، فقول بعض المحدثين: فالصواب موقوف في الحديث الذي روي مرفوعًا بطريق صحيح، وكذلك موقوفًا غير موجه.
فإذا تمهدت المقدمات فنقول بحول الله وقوته: إن الأحاديث المثبتة لوحدة الضربة صريحًا لم أجدها في البخاري، ولكن في رواية مسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش فقال:"إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه"، وفي نسخة:"بيده إلى الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه"، وهذه الرواية على النسخة التي فيها لفظة "بيده" بالإفراد دليل ظاهر على أن المقصود، والغرض بهذا التيمم بيان صورة الضرب والمسح، لا جميع ما يحصل به التيمم.
وكذلك قوله:"ثم مسح الشمال على اليمين"، فإن الاكتفاء على مسح الشمال على اليمين ظاهر في أن الغرض ليس إلَّا بيان الصورة الإجمالية.
وكذلك ما ورد في هذه الرواية:"وظاهر كفيه"، وكذا في رواية البخاري:"ثم مسح بها ظهر كله بشماله أو ظهر شماله بكفه"، ففي الاكتفاء على مسح ظاهر الكفين على رواية مسلم، وعلى ظهر أحدهما خاصة على