للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعل الصلوات التي تركتها، ومنها صلاة عمار حين أجنب مع أنه لم يأت بالصفة المشروعة في التيمم، وإنما تمرغ كما تتمرغ الدابة، ومنها صاحب العقالين عندما أكل متوهمًا أنهما الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولم يؤمر بالقضاء، ومنها لما أفطر الصحابة في يوم غيم ظنًا منهم أن الشمس قد غربت، ثم طلعت الشمس، ولم ينقل أنهم قضوا، ونصوص كثيرة، فالاقتصار على هذه النصوص فقط نزعة ظاهرية، وفتح الباب على الإطلاق قال الشاطبي: «خرق لا يرقع، والاقتصار فيه على بعض النصوص دون بعض تحكم يأباه العقل والنقل» (١).

قال القرافي: «اعلم أن صاحب الشرع قد تسامح في جهالات في الشريعة فعفا عن مرتكبها وأخذ بجهالات، فلم يعف عن مرتكبها، وضابط ما يعفى عنه من الجهالات: الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة وما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه» (٢).

وقال أيضًا: «الجهل قسمان: منه ما يتعذر الاحتراز منه غالبًا، أو فيه مشقة، فجعله الشارع عذرًا لمن ابتلي به .... ومنه ما ليس كذلك، فلا يعذر به ... وإلا فالأصل أن الجهل لا يجدي خيرًا، ولا يكون عذرًا» (٣).

ومن الصعوبة أن أتتبع جميع فروع المسائل في كتاب يبحث في باب المعاملات فقط، ولكني سأشير إلى أهم ما يكشف غموض هذا الباب، وما لم يذكر يقاس على ما ذكر.


(١) الموافقات (١/ ١٦٨).
(٢) الفروق (٢/ ١٤٩ - ١٥٠).
(٣) الذخيرة (٦/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>