قلت: القول بان الفعل الواحد حرام م وجه، حلال من وجه- غير مقبول؛ لان الحل أن يقول الشارع:"مكنتك من هذا الفعل، ولا تبعة عليك في فعله أصلا" وهذا المعنى إنما يتحقق، إذا لم يكن فيه وجه يقتضي المنع أصلا؛ بل ليس من شرط الحرمة أن يكون حراما من جميع جهاته؛ لأن الظلم حرام، مع أن كونه حادثا، وحركة، وعرضا- لا يقتضي الحرمة.
إذا ثبت ذلك، فتقول: حل الدم على هذا الوجه يستحيل أن يتعدد، والعلم بذلك ضروري.
قوله:"الدليل على التغاير: أنه لو أسلم، زال أحد الحلين، وبقى الآخر":
قلنا: لا نسلم أنه يزول أحد الحلين، بل يزول كون ذلك الحل معللا بالردة، فالزائل ليس هو نفس الحل، بل وصف كونه معللا بالردة.
فإن قلت: إذا كان الحل باقيا، سواء وجدت الردة، أو زالت، كان ذلك الحل عنيا في نفسه عن الردة، والغنى عن الشيء لا يكون معللا به.
قلت: لما كانت العلة عندي عبارة عن المعرف، زال عني الإشكال.
قوله:"ولي الدم مستقل بإسقاط أحد الحكمين":
قلنا: لا نسلم؛ بل هو متمكن من إزالة أحد الأسباب، فإذا زال ذلك السبب، زال انتساب ذلك الحكم إلى ذلك السبب، فأما أن يزول الحكم نفسه، فهذا ممنوع.