فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: هذا الوجه أمارة تدل على أن أراد: لأمرتهم به على وجه يقتضي الوجوب، وليس يمتنع أن يقتضي الأمر الوجوب بدلالة أخرى.
قلت: كلمة (لا) دخلت على الأمر، فوجب ألا يكون الأمر حاصلًا.
الدليل: خبر بريرة فإنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتأمرني بذلك؟
فقال:(لا) إنما أنا شفيع) نفى الأمر مع ثبوت الشفاعة الدالة على الندب، ونفى الأمر عند ثبوت الندبية يدل على أن المندوب غير مأمور به، وإذا كان كذلك، وجب ألا يتناول الأمر الندب.
الدليل: أن الصحابة تمسكوا بالأمر على الوجوب، ولم يظهر من أحد منهم الإنكار عليه، وذلك يدل على أنهم أجمعوا علي ظاهر الأمر للوجوب.
وإنما قلنا: إنهم تمسكوا بالأمر بالأمر على الوجوب، لأنهم أوجبوا أخذ الجزية من المجوس، لما روى عبد الرحمن أنه عليه الصلاة والسلام قال:(سنوا بهم سنة أهل الكتاب)
وأجبوا غسل الإناء من ولوغ الكلب، بقوله عليه الصلاة والسلام:(فليغسله سبعا).
وأوجبوا إعادة الصلاة عند ذكرها، بقوله عليه الصلاة والسلام:(فليصلها إذا ذكرها).