للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الآية الكريمة سؤالٌ معروفُ وهو أنْ يقول طالب العلم: ما معنى {أَوْ} في قوله: {أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}، والمخبر بهذا الكلام جلَّ وعَلا يستحيل في حقِّهِ الشك، فما معنى {أَو} في قوله: كالحجارة أو أشد قسوة؟.

وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة معروفةٌ أظهرها أنَّ "أوْ" للتنويع، و"أوْ" التي هي للتَّنويع تدلُّ على نوع، والمعنى أن منهم نوعًا قلوبهم كالحجارة، وهنالك نوع آخر دَلَّت عليه "أوْ" التَّنويعية أقسى قلوبًا من هؤلاء.

قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على إيمان اليهود وغيرهم من أهل الكتاب؛ لأنَّ عندهم علمًا من الكتب السَّماوية المتقدِّمة، ولو آمنوا لكان ذلك داعيًا إلى إيمان غيرهم لما عندهم من العلم فقنَّطه الله في هذه الآية الكريمة من إيمان اليهود، وأنكر عليه أنْ يعلِّقَ طَمَعَهُ بشيء لا مَطْمَع فيه قال: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} أي أتعلِّقون الطمع بما لا طمع فيه، {أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} أَنْ يتَّصفوا بالإيمان لكم؛ أي: لأجل دعوتكم وطلبكم منهم الإيمان، والعادة في القرآن أن الإيمان إذا كان تصديقًا بالله جلَّ وعلا عُدِّيَ بالباء، فنقول: يؤمنون بالله،

<<  <   >  >>