وقوله:{فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ}؛ أي: في شدَّة القسوة والصلابة، فكما أنك لو أردت أن تدخل ماءً أو دهنًا في جوف حجر صلب أصم لا يمكن لك ذلك، أي: لا يمكن أنْ تدخل في قلوبهم خيرًا، ولا موعظة، ولا شيئًا ينفعهم لقساوتها عياذًا بالله.
وقوله:{أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} أو أشد: مرفوعٌ عطفًا على الكاف من قوله: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ} أي: فهي مثل الحجارة أو أشد قسوة؛ لأن الكاف بمعنى مثل، وقيل عطف على محلِّ الجار والمجرور لأنَّه محل رفع خبر مبتدأ؛ أي: فهي كالحجارة أو فهي أشد قسوة، وقسوة تمييز محوَّل عن الفاعل؛ لأنَّه بعد صيغة التفضيل على حدِّ قوله في الخلاصة:
والفاعلَ المعنى انصبنْ بأَفعلا ... مفضلًا كانتَ أعلى منزلًا
لأنَّ قسوةً تمييز فاعل في المعنى، فنصب بأفعل مفضَّلا تمييزًا محوَّلًا عن الفاعل.
ثم الله جلَّ وعلا بَيَّنَ أنَّ قلوبهم أشد قسوةً من الحجارة قال:{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ} يعني: أنَّ بعض الحجارة ربما لانَ: بعضها يتفجَّر منه الماء، وبعضها ربما لانَ فتشقق فخرج منه الماء، وقلوبهم لا تلين ولا ينفجر منها خير لا قليل ولا كثير.