أصول الفقه، وإلى دراسة مراقي السُّعود بالذات، ولمَّا تأمَّلتُ مَنْ حولي ممَّن يُدَرْسُ هذا الفن، رأيتُ أنَّه لا يشبع رغبتي فيه إلا دراستُهُ على فضيلة الشيخ محمَّد الأمين الموجود في ذلك الوقت مدرسًا بالرِّياض في المعاهدِ والكليات.
فكتبتُ إليه أخبره برغبتي هذه، وأخبرته أنِّي مستعدٌّ لتكلُّف أعباء السَّفَر لطلب العلم، وأني غيرُ مخاطبِ بالسَّفر لأداء الحج لفقري، وقلتُ في كتابي إليه:"فهل أنا إن تحملتُ أعباء السَّفر على الرَّغم من حالتي الاقتصادية، ووصلتُ إلى فضيلتكم تخصِّصون لي بعضًا من وقتكم الثَّمين تُعلِّمونَ أخاكم فيه هذا الفن؟ ".
فكتب إلَيّ: أنْ تَوَجَّه حالًا، فستجدني عند ظَنِّكَ بي. ولمَّا وصلني خطابه -وأنا بمدينة (داكار) السِّنغالية كنت أزاولُ فيها تجارةً خفيفة- صَفَّيْتُ ما كان عندي من تجارة، وأرسلتُ إلى من يطالبني حقَّه بالحوالة البريديَّة، وبقيت عندي بقيةٌ طفيفة، وتوجَّهتُ حالًا بسكة الحديد إلى (باماكو) عاصمة مالي، ومنها كتبتُ للشَيخ أخبرهُ أنِّي توخهتُ فعلا، وأنه إنْ كانَ يريد أنْ يكتب لي يأمرني بشيء فعلى عنوان الأخ محمَّد محمود بن الدَّاه بمدينة (كانو): [ص. ب: ٨١].