للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنات ذلك الملك وأزواجه، وهو عالمٌ به ناظرٌ إليه؟

لا وكلَّا، وللهِ المَثَل الأعلى، بل كلُّ الحاضرين يكونون خائفين خاضعة قلوبهم خاشعة عيونهم ساكنة جوارحهم، غاية أمانيهم السَّلامة، ولا شك -وللهِ المَثَل الأعلى- أنَّ اللهَ -جَلَّ وعَلا- أعظمُ اطِّلاعًا، وأوسع علمًا من ذلك الملك، ولا شك أنَّهُ أعظمُ نكالًا وأشدُّ بَطشًا وأفظعُ عَذابًا، وحماهُ في أرضه محارمه.

ولو علم أهلُ بلدٍ أَن أمير البلد يصبحُ عالمًا بكلِّ ما فعلوه باللَّيلِ لباتوا خائفين، وتركوا جميعَ المناكرِ خوفًا منه.

وقد بَيَّنَ اللَّه أنَّ الحكمةَ التي خَلَقَ الخَلْقَ من أجلها هي أنْ يبتليهم؛ أي: يختبرهم {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: ٧] , قال في أول سورة هود: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧] , ولم يَقُل: أيكم أكثر عملًا، وقال في سورة الملك: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: ٢].

وهاتان الآيتان تُبَيِّنان المراد من قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦].

<<  <   >  >>