فقد بَينَ تعالى نَفْيَ المماثلة عنه بقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] , وبَيَّنَ إثبات الصفاتِ على الحقيقة بقوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
فأوَّلُ الآية يقضي بعَدَم التَّمثيل، وآخرُها يقضي بعَدَم التَّعطيل؛ فيتَّضِحُ من الآية أنَّ الواجبَ إثباتَ الصِّفات حقيقةً من غير تمثيل، ونَفْيُ المماثلة من غير تعطيل.
وبَيَّنَ عَجْز الخلق عن الإحاطة به -جَلَّ وعلا- فقال:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه: ١١٠].
المسألة الثَّانية: التي هي الوعظ، فقد أجمع العلماء على أن الله تعالى لم يُنْزِلْ من السَّماءِ إلى الأرض واعظًا أكبرَ ولا زاجرًا أعظمَ من موعظة المراقبة والعلم، وهي أن يُلاحظ الإنسان أن ربَّه -جلَّ وعلا- رَقيبٌ عليه عالمٌ بكلِّ ما يُخفي وما يُعلن.
وضَرَبَ العلماء لهذا الواعظ الأكبر، والزَّاجِر الأعظم مثلًا يصير به المعقول كالمحسوس؛ قالوا: لو فرضنا مَلِكًا سَفاكًا للدّماءِ قَتّالًا للرِّجالِ شديدَ البَطْشِ والنَّكالِ، وسَيَّافُهُ قائمٌ على رأسه، والنطع مبسوطٌ، والسَّيفُ يقطر دَمًا، وحولَ ذلك الملك بناتُهُ وأزواجه، أيخطر بالبال أن يهمَّ أحدٌ من الحاضرين بريبة، أو نيل حرامٍ من