فهل يجوز أن الإنسان يعطي شخصًا ليشهد له؟ لا يجوز، لا شك فيه؛ لأن هذه شهادة زور، وهي من أكبر الكبائر.
قال المؤلف:(وتسقط الشفعة والحد).
(الحد) يعني حد القذف يسقط؛ لأن الرجل أسقطه، لكن لو قال: أنا أسقطته بعِوَض، فإما أن تعطوني العِوَض، وإلا فأنا أريد إقامة الحد على القاذف، يقولون: لا، لا نعطيك عوضًا، ولا نقيم لك الحد؛ لأنك أنت أسقطته.
وكذلك الشفعة، أنتم فاهمون المثال الأول في الشفعة؟
طالب: نعم.
الشيخ: هذا الذي أسقط حقه من الشفعة بعِوَض نقول: الآن ليس لك شفعة، وليس لك عِوَض، سبحان الله! الرجل اتفق مع المشتري الذي اشترى الشقص على أن يُسقِط شفعته بألف ريال، فالرجل أسقط شفعته، يقول: ليس له شفعة الآن؛ لأنه أسقطها، وليس له عِوَض؛ لأن العِوَض على ترك الشفعة غير صحيح، والصحيح أنه -كما قلنا قبل قليل- يجوز المصالحة بعِوَض عن إسقاط الشفعة.
بدأ المؤلف بذكر شيءٍ من حقوق الجار، وإنما ذكر الفقهاء حقوق الجار في هذا الباب لأن الغالب أن النزاعات التي تكون بين الجيران الغالب أن تكون عن طريق أيش؟ عن طريق المصالحة، فلهذا ذكروا أحكام الجوار في هذا الباب، وله مناسبة أخرى يمكن تكون في آخر الفقه، لكن هنا رأوا أنه أنسب.
من المعلوم أن الجار له حق كما قال الله تعالى:{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}[النساء: ٣٦]، له حق؛ فإن كان مسلمًا قريبًا كان له ثلاثة حقوق: حق الإسلام، وحق القرابة، وحق الجوار، وإن كان مسلمًا غير قريب فله حقان: حق الإسلام وحق الجوار، وإن كان كافرًا غير قريب فله حقٌّ واحد وهو حق الجوار.