(أمانة في يد المرتَهِن)، فيد المرتهن يد أمانة، وجه ذلك أنه حصل المال في يده بإذن من مالكه، وكُلُّ مال حصل بإذن من المالك، أو إذن من الشارع فهو بِيَد صاحبه أيش؟ أمانة؛ لأنه لم ( ... )، بل قبض بحق، فهو أمانة في يد المرتهن، وإذا كان أمانة فإنه لا يجوز له أن يتصرف فيه، إلا ما استثنى الشرع في قوله:«الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا»(١)، وما عدا ذلك لا يجوز التصرف فيه، وقد سبق.
ولكن يتفرع على قولنا: إنه أمانة، أنه إذا تلف من غير تَعَدٍّ منه فلا شيء عليه، (إن تلف) الضمير يعود على أيش؟
طالب: الشيء المرهون.
الشيخ: الشيء المرهون.
(من غير تعدٍّ منه فلا شيء عليه)، فإن كان تعدٍّ منه فالضمان عليه، أي: على المرتهن.
وكذلك أيضًا لو فَرَّط فإن ضمانه عليه.
وعلى هذا ينبغي أن يُزَاد في كلام المؤلف: من غير تَعَدٍّ ولا تفريط، والفرق بين التعدي والتفريط أن التعدي فعلُ ما لا يجوز، والتفريط تركُ ما يجب.
يظهر بالمثال؛ لو أن شخصًا ارتهن ناقة من آخر، ثم لم يُحِطْها بعناية، فقضى عليها البرد، ماتت من البرد، ماذا نقول لهذا؟ هذا تفريط؛ لأن الواجب عليه أن يجعلها في مكانٍ دافئ لئلَّا تموت.
ومثال آخر: رجل رهن بعيرًا، ثم إن المرتهن صار يُحَمِّل عليها ويكُدّها، فماذا نسمي ذلك؟ نسميه تعديًا.
فالفرق إذن بين التعدي والتفريط أن التعدي فعلُ ما لا يجوز، وأن التفريط تركُ ما يجب.
إن تعدَّى أو فرَّط -الذي هو مرتهن- فهو ضامن، وإن لم يَتَعَدّ ولم يُفَرِّط فليس بضامن، وعلمتم العلة في ذلك؛ أنه قَبَضَه من صاحبه بإذنه.
(ولا يسقط بهلاكه شيء من دَيْنه).
(لا يسقط بهلاكه) أيش؟ الرهن.
(شيء من دَيْنِه) أي: من الدَّيْن الذي عليه، بل يبقى الدَّيْن على ما هو عليه.