لكن كما قلت لكم: عمل الناس اليوم على خلاف ذلك، يأتي الفلاح ويقول للتاجر: أنا أريد أن أحرث في هذه الأرض، وأريد أن تُدَيِّنَنِي وأرهنك الزرع، فيعطيه هذا.
وإذا تأملت وجدت أنه ليس في الشرع ما يمنع ذلك؛ لأن المعاملات الممنوعة -كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، وقوله صحيح- مبناها على ثلاثة أشياء: الظلم، والغَرَر، والْمَيْسِر، فإذا وَجَدْتَ معاملة تشتمل على واحد من هذه الأمور الثلاثة فاعلم أن الشرع لا يقرها.
وأما ما عدا ذلك مما ينفع الناس ويُسَيِّرُ أحوالهم فاستَعِن بالله وأَفْتِ بحله، حتى يتبين لك التحريم، وأنت إذا أفتيت بِحِلّ ما لم يتبين تحريمه فأنت على حق، لماذا؟ لأن الأصل في المعاملات الحِلّ، وأنت يوم القيامة سوف يسألك الله -عزّ وجل-: لماذا حَرَّمت على عبادي ما لم أُحَرِّمه؟ أيش جوابك؟ ما عندك جواب.
لكن لو أَحْلَلْت لهم شيئًا لا تعلم أنه حرام قلت: يا رب، مشيت على قاعدة شرعية؛ أن الأصل الإباحة، كُلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وليس في كتاب الله بطلان هذا الشرط، والْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١].
فالإنسان في هذه المسألة بالذات ينبغي أن يُغَلِّب جانب الحِلّ؛ لأن تحليل المحرَّم أهون من تحريم الحلال؛ لأن تحليل المحرَّم في المعاملات مبني على أيش؟ على أصل، لكن تحريم الحلال مبني على غير أصل، وفيه تضييق على العباد بدون برهان من الله عزّ وجل.
ونحن نقول: هذه القاعدة -إن شاء الله- مفيدة، وتنفعنا وتنفع غيرنا، لكن عسى الناس يمشون على هذا، الناس الآن بدؤوا يتفلَّتون، والحلال ما حلَّ باليد، أو هذا يسمونه تأمينًا تعاونيًّا، وجاءنا في هذه الأيام وقبل خمس سنوات ما يسمى بالصاروخ، بالدولار الصاروخي أظن، ورقة وُزِّعَت على الناس، يقولون ( ... ) ويجيك أربعين ألف دولار، ويش لون خدوا الورقة هذه؟