يقول رحمه الله:(وحصل آخر واشتبها، أو عَرِيَّة فأتمرت)، (عرية فأتمرت) ما هي العريَّة؟ العريَّة هي شراء الرُّطب على رؤوس النخل بتمرٍ قديم لمن احتاج إلى الرُّطب وليس عنده ثمن يشتري به، فإنها تُخلَص الرطب حتى تكون مساويةً للتمر القديم في الكيل، ثم يَشتريها صاحب التمر القديم، وبشرط أن تكون خمسة أوسق أو أقل، ومرَّت علينا أظن.
هذا الفقير الذي ليس عنده مال وعنده تمر قديم جاء للفلاح فقال له: أنا محتاج للرطب، بِعني ثمرة هذه النخلة التي تأتي بعد يُبْسها خمسين صاعًا بخمسين صاعًا من التمر اللي عندي، يجوز أو لا؟ يجوز؛ لأن خمسين صاعًا أقل من خمسة أوسق، وهذا محتاج وليس عنده مال، يجوز.
أعطاه التمر، وهاذاك تخلَّى عن النخلة، قبْضُ التمر بماذا؟ بالكيل، وقبض النخلة بالتخلية، صاحب النخلة الفلاح خلَّاها له، وذاك أعطاه التمر بالكيل، ثم إن المشتري تركها حتى أتمرت، يقول المؤلف: إن البيع يبطل؛ لأن الشرع إنما أجاز بيع الرطب بالتمر مع أن الأصل أنه محرَّم من أجل دفع حاجة هذا الفقير الذي هو محتاجٌ لأيش؟ للرطب، والآن لما أهمل وتركها حتى أتمرت زالت العلة التي من أجلها أجاز الشرعُ بيعَ الرطب بالتمر.
إذن ما هي علة بطلان البيع؟ هي أن الحكمة التي من أجلها أُبِيحَ بيع الرطب بالتمر أيش؟ قد زالت، ولا يمكن أن نفتح للناس باب الخداع، نقول: لو أننا صححنا البيع وألزمنا بائع النخلة ببقاء العقد تَحيَّل الناس على هذا، فلذلك يقول المؤلف: إذا اشترى عريَّة فأتمرت بطل البيع.
ثم قال:(والكل للبائع)، الكل في هذه المسائل كلها إذا بطل البيع رجع لِمَن؟ رجع للبائع؛ لأنه ملكه، ويأخذ المشتري الثمن من البائع إن كان قد أقبضه إياه، وإن كان لم يُقبِضه إياه سقط عن ذمته.
ثم قال:(وإذا بَدَا ما له صلاح في الثمرة واشتد الحَبّ جاز بيعه مطلقًا وبشرط التَّبْقية).
(إذا بَدَا ما له صلاح في الثمرة واشتد الحَب جاز بيعه).