للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أيضًا يجوز بيع (الفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد)، الفيل معروف، يجوز بيعه؛ لأنه يُحمل عليه الأثقال، ففيه منفعة، كذلك سِباع البهائم التي تصلح للصيد؛ كالنمور، والفهود، والآساد -إن كانت تصلح- وكذلك الصقور وغيرها، كل سباع البهائم من طائر وماشٍ إذا كان يصلح للصيد فإنه يجوز بيعه؛ لأنه يباع لمنفعة مباحة فجاز، كالحمار، إلا واحدًا، قال: (إلا الكلب)؛ فإنه لا يجوز بيعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن بيعه (٦). مع أن الكلب يصلح للصيد، أليس قد أباح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اقتناءه لثلاثة أمور: الحرْث، والماشية، والصيد؟ ومع ذلك لا يجوز بيعه، حتى لو باعه لهذا الغرض -أي للصيد- فإنه لا يجوز.

فإن قال قائل: كيف مُنع الكلب -مع ما فيه من المنافع- ولم تُمنع سباع البهائم التي تصلح للصيد؟

قلنا: التفريق بالنص، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ولا يصح أن تُقاس سباع البهائم التي تصلح للصيد عليه؛ لدخولها في عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥]؛ ولأنها أخف ضررًا من الكلب؛ إذ إن الكلب إذا ولغ في الإناء يجب أن يُغسل سبعًا إحداها بالتراب، وغيره من السباع لا يجب التسبيع فيه ولا التراب، فظهر الفرق وامتنع القياس.

فإن قال قائل: أليس قد ورد فيما رواه النسائي وغيره من استثناء كلب الصيد؟ قلنا: بلى، ولكن المحققين من أهل الحديث والفقه قالوا: إن هذا الاستثناء شاذ؛ فلا يُعوَّل عليه، وأيضًا لو صح هذا الاستثناء لكان نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب من باب اللغو؛ لأن كلبًا لا يُصاد عليه، ولا يُنتفع به في الحرث، ولا في الماشية لا يُمكن أن يُباع؛ فلذلك تعيَّن أن يكون النهي عن ثمن الكلب، إنما هو الكلب الذي يُنتفع به، ويُباح اقتناؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>