للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يحسن أن نتكلم على ما يُفعل بعد الدفع من مزدلفة, يُفعل الرمي، ثم النحر، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي، وهي خمسة مرتبة على هذا، ولكن لو قدمت بعضها على بعض فلا حرج، حتى السعي لو قدمته على الطواف، فإن القول الراجح أنه ليس فيه حرج، وهذا قد يحتاج الإنسان إليه، كرجل معه نساء، وخاف أن يأتيهن الحيض في أول اليوم؛ يوم العيد، فدفع من مزدلفة رأسًا إلى مكة، وطاف طواف الإفاضة قبل الفجر مثلًا، يجوز هذا أو لا؟ يجوز، وكذلك أيضًا يحتاج الإنسان إلى أن يؤخر النحر إلى بعد الحلق؛ لأنه إذا رمى وحلق حل التحلل الأول، وذهب يطلب الهدي وهو قد حل ولبس ثيابه وسلم من الحلق.

فالمهم أن الأفضل ترتيب الأنساك الخمسة على النحو التالي: رمي، نحر، حلق، طواف، سعي، وأنه لو قدم بعضها على بعض فلا حرج، والصحيح أنه لا حرج، سواء نسي أو جهل أو تعمد عالمًا كله سواء، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسْأل فيقول: «افْعَلْ»، افعل هذه للماضي ولّا للمستقبل؟ للمستقبل «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» (٥)، لو اقتصر على قوله: «لَا حَرَجَ» لكان يمكن أن يُقال: إن السائل قال: يا رسول الله لم أُشْعِر، ففعلت كذا قبل كذا، لكن قال: «افْعَلْ» للمستقبل ولا حرج، ولهذا إذا كان الشيء معفوًّا عنه بالجهل، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: افعل ولا تعد، مثل حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه دخل والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راكع، فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «زَادَكَ اللَّهُ حَرْصًا وَلَا تَعُدْ» (٦)، هنا لم يقل للسائل: لا حرج ولا تعد، بل قال: «افْعَلْ»، وهذا للمستقبل، «وَلَا حَرَجَ»، وبه نعرف أن الترتيب بين هذه الأنساك للأفضلية فقط، وهذا من رحمة الله ونعمته؛ لأن الناس يختلفون في الحاجات، بعضهم يود أن يطوف مبكرًا، وبعضهم يود أن يتأخر، فجعل الأمر واسعًا، والحمد لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>