اختار شيخ الإسلام رحمه الله قولًا وسطًا، وهو أنه واجب على مَن خاطبهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، سنة في حق مَن عداهم، وهذا القول له غَوْرٌ ووجه جيد جدًّا؛ أولًا: لأن أبا ذر سُئِلَ عن الفسخ، فسخ الحج إلى العمرة، هل هي عامة أو لكم خاصة؟ قال: بل لنا خاصة، ولا أظن أبا ذر يقول: لنا خاصة، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله سراقة بن مالك بن جعشم قال: ألنا خاصة أم للأمة؟ قال:«بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ»(٨)، وشبَّك بين أصابعه.
لكن قول أبي ذر: لنا خاصة، يُحْمَل على ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أيش؟
طالب: الوجوب.
الشيخ: الوجوب، وإنما قلنا: إن هذا القول له غَوْر ووجه قوي؛ لأن الناس لو خالفوا الرسول وهو يواجههم بالأمر ويرون غضبه لهانت مخالفة الرسول عليه الصلاة والسلام على مَن بعدهم؛ لأنهم إذا كان الصحابة إذا خالفوا أمره المقرون بغضبه في حِلّ لو خالفوه فمَن بعدهم من باب أولى، فكلام شيخ الإسلام رحمه الله كلام فقيه؛ أنه -أي التمتع- واجب على؟
طلبة: الصحابة.
الشيخ: الصحابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واجههم بالخطاب، وإذا عَصَوْهُ وهم مُقَدَّمُو الأمة وسابقو الأمة هان على مَن بعدهم مخالفة الرسول عليه الصلاة والسلام.
أما مَن ساق الهدي فالقِرَان أفضل بلا شك، ولا يمكن أن يتمتع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«لَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ»(٥)، فلا يمكن التمتع مع سَوْق الهدي.
ولكن يقال: هل الأفضل أن يسوق الإنسان الهدي ليَقْرِن، أو أن يدعه ليتمتع؟
هذه مسألة تحتاج إلى نظر، إن كانت السنة -أعني سَوْقَ الهدي- قد ماتت والناس لا يعرفونها فسَوْق الهدي مع القِرَان أفضل؛ لإحياء هذه السنة، وإن كانت هذه السنة معلومة لكن يَشُقّ على الناس أن يسوقوا الهدي؛ لأنهم يحجون الآن في الطائرات والسيارات، فهنا تَرْك سَوْق الهدي والتمتع أفضل، أفهمتم؟