للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وحسمت) الحسم في اللغة: القطع، والمراد حسم الدم؛ أي: قطعه، وذلك بأن يغلى زيت، أو دهن، أو نحوهما، ثم تغمس فيه وهو يغلي، فإذا غمست فيه وهو يغلي تسددت أفواه العروق، وإنما وجب حسمها؛ لأنها لو تركت لنزف الدم ومات، والحد لا يُراد به موته وإتلافه، إنما يراد به تأديبه.

دليل وجوب القطع قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، ودليل أنه خاص باليمين قراءة ابن مسعود: {فاقطعوا أيمانهما}، ودليل أنه من مفصل الكف أن الله أطلق فقال: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ولم يقيدها بالمرافق واليد عند الإطلاق يراد بها الكف، بدليل آية التيمم، ووجب حسمها للوقاية من التلف؛ لأن الوقاية من التلف أمر واجب، إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والحكمة من قطعها دون سائر الأعضاء هو أنه لما كانت اليد هي آلة الأخذ في الغالب صار القطع خاصًا بها؛ ولهذا اختص باليمين دون اليسار؛ لأنها هي التي يؤخذ بها غالبًا، فإن كان الرجل أعسر تقطع اليمنى ولّا اليسرى؟

طلبة: اليمنى.

الشيخ: تقطع اليمنى بكل حال، حتى لو فرض أنه أعسر لا يعمل إلا باليد اليسرى ويسمى؟ ويش يسمى هذا الذي أنا قلت؟

طالب: الأعسر.

الشيخ: ويش يُسمى عند العامة؟

طلبة: أشده.

الشيخ: الأشده، الأشوف؟

طلبة: الأشول.

الشيخ: إي، بالدال.

طلبة: بالواو، أشول.

الشيخ: أشول، لا، هذه لغة شاذة، على كل حال الذي يختص به القطع هو اليد اليمنى فقط، والحكمة هو هذه، وقد اعترض بعض الزنادقة على الشرع، قال: كيف تقطع اليد اليمنى بربع دينار وإذا قطعها الجاني فإن ديتها خمس مئة دينار؟

بينهما فرق، كيف تكون قيمتها خمس مئة دينار وتُقطع في ربع دينار؟ وأجابه بعض العلماء بأنها قُطعت في ربع الدينار حماية للأموال، وكانت ديتها خمس مئة دينار حماية للنفوس والدماء.

يقول الشاعر المعترض:

يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينٍ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>