قلنا: مَنْ أخذ بظاهر الآية لم يعتبر الخلوة، ويُعَلِّق الحكم بالوطء، وقد قال به بعض أهل العلم، لكن الصحابة رضي الله عنهم حكموا بأنَّ من خلا بها كمن مسها (٦)، وعللوا ذلك بأن الرجل استباح منها ما لا يباح لغير الزوج، فعلى هذا تكون العدة واجبة عليها. والمسألة في القلب منها شيء؛ لأن الآية الكريمة صريحة:{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}، ولأن الخلوة وإن كان الإنسان استباح ما لا يباح لغيره، فإنهم يقولون: إن الرجل إذا قبلها بلا خلوة فلا عدة، مع أن التقبيل لا يحل لغير الزوج، فالمسألة في القلب منها شيء، لكن المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم أن من أرخى سِترًا أو أغلق بابًا فإنه كالزوج، كالذي دخل، فيلزمها العدة.
إذن المؤلف قال:(قبل وطء وخلوة).
(أو بعدهما)، أيش (بعدهما)؟ أي: بعد الوطء والخلوة (وهو ممن لا يولد لمثله).
مثل: خلا بها وهو ممن لا يُولَد لمثله. مَنِ الذي لا يولد لمثله؟ من دون العشر، يعني: رجل زوج ابنه هذه المرأة ودخَّله عليها، لكنه صغير الابن له تسع سنوات، وبقي عندها كل الليل وهو يجامعها، فلما كان في الصباح طلقها، ماذا نقول؟ لا عدة عليها، لماذا؟ لأنه لا يولد لمثله، وهذه المسألة أيضًا في النفس منها شيء؛ لقوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}، وهذا الصبي قد مَسَّ وهو زوج، وكوننا نقول:(لا يُولَد لمثله) ما هي العلة أنه يولد لمثله أو لا؟ ولهذا لو كان عِنِّينًا وجامعها، بل وخلا بها فعليها العدة، ما هي المسألة لأنها مظنة الحمل أو غير مظنة الحمل، لكن استمتاع بشهوة من هذا الصبي، كيف ما نقول: إن فيها عدة؟ ! على الأقل أن نجعلها كمسألة الخلوة، لكن هذا هو المذهب.