وهذا القول هو الراجح؛ أنه بعد الطُّهْر ليس بشيء، وقبل الطُّهْر؟
طلبة: ليس بشيء.
الشيخ: قبل الطهر؟
طلبة: ليس بشيء.
الشيخ: حيض، أنه قبل الطُّهْر حيض، وبعده ليس بحيض، وهذا هو الذي دل عليه رواية أبي داود في حديث أم عطية رضي الله عنها، وهو الذي مشى عليه المؤلف.
***
ثم قال المؤلف:(ومن رأت يومًا دمًا، ويومًا نقاءً، فالدم حيض، والنقاء طُهْر ما لم يَعْبُر أكثرَه).
(يعبر) يعني: يجاوز.
هذه امرأة ترى يومًا دمًا، ويومًا نقاءً، يعني ما يجيئها الدم، إذا أَذَّنَ المغرب رأت الدم، وإذا أذن المغرب من اليوم الثاني رأت الطهر، النقاء.
يقول المؤلف:(الحكم يدور مع عِلَّتِه) فيوم الحيض حيض، ويوم النقاء طُهْر؛ لأن هذا هو مقتضى قوله تعالى:{قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، فما دام الأذى موجودًا وهو الدم فهو حيض، وإذا طَهُرَت منه ونَقِيت منه فهو طُهْر، وعلى هذا فنُلْزِم المرأة أن تغتسل ست مرات في ستة أيام، وهذا مشقة شديدة، لا سيما في أيام الشتاء.
ولهذا كان القول الثاني في هذه المسألة أقرب إلى الصواب؛ أن اليوم ونصف اليوم لا يعد طُهْرًا، لماذا؟ لأن عادة النساء أن تَجِفَّ يومًا أو ليلة حتى في أثناء الحيض، هذا شيء مشهور عندهن، تجف لكن ما ترى الطُّهْر، ولا ترى نفسها طاهرة أيضًا في هذه المدة، فإذا كان هذا من العادة فإنه يُحْكَم لهذا اليوم الذي رأت النقاء فيه بأنه يوم حيض، لا يجب عليها غسل، ولا صلاة، ولا يأتيها زوجها، ولا يثبت له أحكام الطهر، بمعنى أنها لا تطوف مثلًا فيه، ولا تعتكف؛ لأنها حائض، حتى ترى الطُّهْر.
ويؤيد هذا قول عائشة رضي الله عنها للنساء يأتين إليها بالكُرْسُف بِقُطْن ليرينها إياه، هل هي طَهُرت المرأة ولَّا لا؟ فتقول: لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ القَصَّة البيضاء (٧).