لكن يمتنع الإصلاح في حالة واحدة؛ وهي ما إذا تبين للقاضي أن الحق مع أحد الخصمين فإن الصلح هنا ممتنع، ما لم يبين لصاحب الحق أن الحق له ويطلب منه الصلح؛ يعني فيه قضاة علمهم ضعيف؛ كل مسألة ترد عليهم يجعلونها صلحًا، وهذا حرام، ما يجوز؛ ولهذا إذا تبين للقاضي أن الحق مع أحد الخصمين حَرُمَ عليه طلب الصلح، إلا إذا أعلم صاحب الحق وقال: إن الحق لك، نعم، ولكن لو تصالحتما لكان أحسن، فإذا رضي بالصلح فحينئذٍ فلا بأس.
الصلح يكون في أمور كثيرة، في كل مشاكل الحياة؛ الحقوق والأموال والأعراض، داخل في كل شيء؛ ولهذا أطلق الله سبحانه وتعالى هذا في قوله:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.
كلام الفقهاء هنا في هذا الباب يريدون به الصلح في الأموال، ويذكرون الصلح في باب النزاع بين الزوج وزوجته في باب عِشْرَة النساء، وفي كل موضعٍ بحسبه، وذكروا الصلح في باب أهل الزكاة في الغارم لإصلاح ذات البين، والمهم هنا أن الذي معنا الآن هو الصلح في الأموال.
الصلح في الأموال على نوعين: صلح على إقرار، وصلح على إنكار، بمعنى أن الصلح يكون على شيء أقرَّ به مَنْ عليه الحق، ويكون الصلح على شيء أنكره من عليه الحق، فهو إما في إنكار، وإما في إقرار.
(إذا أقرَّ له بدين أو عين فأسقط أو وَهَبَ البعض وترك الباقي يصح) قوله: (إذا أقر له بدين أو عين فأسقط أو وهب) هذا من باب اللف والنشر المرتب ولَّا المشوش؟
طلبة: المرتب.
الشيخ: المرتب؛ يعني يذكر شيئين، ثم يثنِّي بذكر حكمهما مرتبًا، فيُسَمَّى لفًّا ونشرًا مرتبًا، يوجد القسمان في القرآن؛ قال الله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: ١٠٦، ١٠٧]، هذا لف ونشر؟