للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: لماذا لا تشترطون رضا المضمون عنه؟ لأنه إذا فشي في الناس أن فلانًا ضمن فلانًا فقد يحط هذا من قدر المضمون عنه، ولَّا لا؟ ولهذا لو قال: أنا أضمنك، قد يقول هذا الرجل: ليش تضمني، أنا فقير أنا مماطل حتى تروح تضمن؟

فيقال: الضمان ليس لك، ولكنه لصاحب الحق، وهو لا يضرك شيئًا، إن علمنا علمًا مؤكَّدًا بأن هذا يضر بالمضمون عنه، أي: بسمعته، فحينئذٍ قد نشترط ذلك، ولكنه يمكنه التخلص –أي: المضمون عنه- من الضمان بأن يأتي بالحق ويسلِّمه، انتهى من الإشكال.

ثم قال المؤلف: (ويصح ضمان المجهول إذا آل إلى العلم)، مثل أن يقول الضامن: أنا ضامنٌ ما على فلانٍ من قيمة الأغراض التي كان يشتريها منك، مثل رجل يشتري من صاحب بقالة حوائج، فأمسكه صاحب البقالة وقال: يلَّلا أعطني حقي، فقال: أمهلني إلى غد، قال: لا أمهلك، فجاء رجل فقال: أنا أضمن لك حقك، يصح ولَّا ما يصح؟ يصح؛ لأن هذا مجهول الآن، لكنه يؤول إلى العلم، ويش معنى يؤول إلى العلم؟ يعني نهايته العلم؛ لأنه بعد مراجعة الحساب يتبين، فيصح أنه من المجهول إذا آل إلى العلم.

أما إذا كان لا يؤول إلى العلم، كالأشياء المجهولة التي لا يمكن الاطلاع عليها، فهذا لا يصح؛ لأنها تؤدي إلى النزاع والخصومة، فقد يدَّعِي صاحب الحق أنها كذا، وينكر الضامن، أما ما آل إلى العلم فلا بأس به، ويش الدليل؟

أولًا: الدليل قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢]، {حِمْلُ بَعِيرٍ} هل هو معلوم حِمل البعير؟

قد يزيد، وقد ينقص، وإن كان الغالب أنه معلوم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» (٣)، والوسق ستون صاعًا، فقد يقال: إن الاستدلال بهذه الآية فيه نظر؛ لأن الْحِمل قد يكون معلومًا بماذا؟ بالعُرف والعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>