يقول المؤلف:(لرب الحق مطالبة مَن شاء منهما)، يعني إن شاء طالب الضامن، وإن شاء طالب المضمون عنه، وإن شاء طالبهما معًا، نقول: لك أن تطالب المدِين، ولك أن تطالب الضامن.
مثاله: اشترى رجل سيارة بعشرة آلاف ريال فجاء رجل فضمنه، قال: أنا أضمن الدراهم التي اشترى بها السيارة.
الذي باع السيارة يجوز أن يطالب المشتري، وأن يطالب الضامن، هل يجوز أن يطالبهما جميعًا؟ نعم يجوز أن يطالبهما جميعًا، يذهب إلى هذا ويقول: أعطني، ويذهب إلى هذا ويقول: أعطني.
وظاهر كلام المؤلف أن له أن يطالب الضامن وإن أمكن مطالبة المضمون عنه، بمعنى أنه لو جاء إلى الضامن وقال: أَعْطِنِي الدراهم، فليس للضامن الحق في أن يقول: اذهب أولًا إلى المدِين، فإذا لم يُعْطِكَ فأتني، يعني ليس له الحق، يعني أنه يجوز أن يطالب الضامن وإن أمكن مطالبة المضمون، وهذا هو المذهب.
والقول الثاني أنه لا يملك مطالبة الضامن إلا إذا تعذَّر مطالبة المضمون، وهذا الذي اختاره شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، قال: إنه لا يطالب الضامن إلا إذا تعذَّر مطالبة المضمون؛ لأن المضمون أصل، والضامن فرع، وإذا أمكن الرجوع إلى الأصل فإنه يُسْتَغْنَى به عن الفرع.
أما حجة القائلين بأنه يطالبهما جميعًا فيقول: لأن الضامن لما التزم صار كالأصل، أي: صار مَدِينًا بالدَّيْن، وإذا صار مَدِينًا به فلرب الحق مطالبة مَن شاء منهما، عملنا في اليوم على أي القولين؟
طالب: القول الثاني.
الشيخ: على القول الثاني، أي أنه لا يطالب الضامن إلا إذا تعذَّر مطالبة المضمون عنه، ولهذا إذا جاء إلى الضامن قال: أعطني القرض، يعطيك صاحبك، إذا عَيَّا أو أبى أو أَعْسَرَ فأنا أعطيك.
على المذهب لو أنه شرط وقال: إنك لا تطالبني إلا إذا تعذَّر مطالبة المضمون عنه، فهل يصح؟