للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

ذَكَر المؤلف رحمه الله أنَّ واجبات العمرة اثنان: كَوْن الإحرام من الميقات، والثاني: الحلق أو التقصير. ولم يذكر طوافَ الوداعِ، فظاهر كلامه أنه لا يجب لها طوافُ وداعٍ؛ لأن عدم الذِّكْر في سياق البيان يدلُّ على أنه لا عبرة به، وعلى هذا فيكون طواف الوداع في العمرة ليس بواجبٍ على المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

وهذه المسألة فيها خلافٌ؛ فمِن أهل العلم من يقول: إن العمرة يجب لها طوافُ وداعٍ. ومنهم مَن يقول: لا يجب، ولكنه سُنَّة. ولم نعلم أن أحدًا من الناس قال: إن طواف الوداع للعُمرة بدعة. فالأقوال فيها منحصرة في قولينِ: إمَّا أنه واجبٌ وإمَّا أنه سُنَّة، والراجح عندي أنه واجبٌ؛ أنه يجب على المعتمر أنْ يطوف للوداع كما يجب على الحاجِّ؛ لعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا يَنْفِرْ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» (٢١).

فإنْ قال قائل: هذا القول قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجَّة الوداع في الحجِّ، ولم يقُلْه في العُمرة.

قُلنا: نعم، نُسَلِّم ذلك، ولكن لأنه لم يوجبه الله إلا في ذلك الوقت، وما قبل ذلك فهو لم يجبْ أصلًا، والشرع كما نعلم يتجدَّد، تجبُ الشرائع متجدِّدة؛ فقد يجب في هذا الوقتِ ما لم يكنْ واجبًا مِن قَبْل.

<<  <  ج: ص:  >  >>