للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الظاهر أنها من مكة، ولهذا نحن نقول للحجاج من أهل مكة: الأحوط لكم ألا تقصروا في منى، كما هو المشهور من مذهب الحنابلة أيضًا؛ مذهب الحنابلة الآن والشافعية، ومن يشترط المسافة يرى أنه لا يجوز لأهل مكة أن يقصروا، ولا أن يجمعوا في عرفة، ولا مزدلفة، ولا منى؛ لأن كل هذه لا تبلغ المسافة.

لكن إذا قلنا: إن الصحيح أن السفر ما تأهب الناسُ له؛ فإنا نقول في الوقت الحاضر: إن منى لأهل مكة حي من أحياء هذا ( ... ).

***

نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

سبق لنا أن الإنسان إذا دفع من عرفة بات في المزدلفة، وله أن ينصرف منها على ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله بعد منتصف الليل مطلقًا؛ أي: سواء كان قويًّا أم ضعيفًا.

وسبق لنا أن القول الراجح في هذا أنه لا يدفع إلا إذا مضى أكثرُ الليل، وأن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما كانت ترقُب غروب القمر، فإذا غرب دفعت، وأن هذا هو الصحيح، وهو الذي يحصل به الْمُكث في مزدلفة أكثر الليل.

وسبق لنا أيضًا أنه إذا وصل إلى منى فإنه يبدأ برمي جمرة العقبة، ثم أيش؟

طلبة: نحر الهدي.

الشيخ: ثم نحر الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي.

وتُرتب هكذا على وجه الندب، فإن قدَّم بعضها على بعض فالصحيح أن ذلك جائز، سواء كان لعذر -كالجهل والنسيان- أو لغير عذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يُسأل في ذلك اليوم عن التقديم والتأخير فيقول: «افْعَلْ، وَلَا حَرَجَ» (١٢).

وتأمل قوله: «افْعَلْ، وَلَا حَرَجَ»، ولم يقل: «لَا حَرَجَ» فقط، بل قال: «افْعَلْ»، وافعل فعل أمر للمُستقبل، يعني أنك إذا فعلت في المستقبل فلا حرج.

وقد أبدى بعضُ العلماء المحققين -كابن دقيق العيد وغيره- أن هذا إنما يكون لمن كان معذورًا؛ لأن في بعض ألفاظ الحديث: لم أشعر، فظننتُ أن كذا قبل كذا، فقال: «افْعَلْ، وَلَا حَرَجَ».

<<  <  ج: ص:  >  >>